اسم الکتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 339
و الحقّ أنّ الثابت في التاريخ هو أنّ العبّاس بن عبد المطّلب- جدّ العبّاسيين الأوّل- و ابنه عبد اللّٰه كانوا من الحمأة و المدافعين عن عليّ بن أبي طالب في كلّ الظروف و المواقف، و انّ ما حفظه التاريخ من كلامهم و مواقفهم ليؤكّد على أنّهم كانوا يؤمنون بخلافة عليّ، بل كانوا يصرّحون بوصاية الرسول لعليّ بن أبي طالب.
و قد تناقلت المصادر أنّ العبّاس بن عبد المطّلب قد تخلّف عن بيعة أبي بكر، و لم يشارك في اجتماع السقيفة، بل بقي بجنب عليّ يجهّزان الرسول حتّى واروه التراب، دعما لعليّ، و أنّ مواقفه في الشورى- بعد مقتل عمر- و غيرها تؤكّد هذه الحقيقة. و هكذا الحال بالنسبة إلى عبد اللّٰه بن عبّاس، فإنّه كان من المحامين و المدافعين و المقرّين بفضل عليّ بن أبي طالب و حقّه، و أنّه و أولاده هم أحقّ بالأمر من غيرهم و قد نقلت هذه الحقيقة عنه تلويحا و تصريحا في أكثر من موقف و قضيّة.
و إنّا لا نرى ضرورة في تفصيل هذه الأمور و نقتصر فيه على ما دار بين الرشيد و شريك القاضي بحضور المهدي العبّاسيّ:
قال الرشيد لشريك القاضي: ما تقول في عليّ بن أبي طالب؟
قال: ما قال فيه جدّك العبّاس و عبد اللّٰه.
قال: و ما قالا فيه؟
قال: فأمّا العبّاس فمات و عليّ عنده أفضل الصحابة، و كان يرى كبراء المهاجرين يسألونه عمّا ينزل من النوازل، و ما احتاج هو (ع) إلى أحد حتّى لحق باللّه. و أمّا عبد اللّٰه فإنّه كان يضرب بين يديه بسيفين، و كان في حروبه رأسا منيعا و قائدا مطاعا. فلو كانت إمامته على جور، كان أوّل من يقعد عنها أبوك لعلمه بدين اللّٰه و فقهه في أحكام اللّٰه، فسكت المهدي، و لم يمض بعد هذا المجلس إلّا قليلا حتّى عزل شريك [1].
لكنّا، ما ذا نقول عن الأبناء و موقفهم من عليّ و أبنائه، فحبّ السلطان و زخارف الدنيا قد أعمى بصائرهم، فنراهم يقدّمون الدين فداء للدنيا، و الشريعة