اسم الکتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 246
كان عند الزهريّ حديثان، عن عروة، عن عائشة في عليّ- أي في النيل منه. فسألته عنهما يوما، فقال: ما تصنع بهما و بحديثهما، و اللّٰه أعلم بهما، إنّي لأتّهمهما أي عروة و عائشة في بني هاشم، أي في عداء بني هاشم [1].
فما هذا التناقض بين طلب السلطان من الزهريّ، و حديثه لمعمّر؟ و علام يشير؟! و ذكر الأستاذ أحمد أمين:
أنّ خالد بن عبد اللّٰه القسريّ كان قد طلب من ابن شهاب الزهريّ أن يكتب سيرة النبيّ، فقال له الزهريّ يوما: إنّه يمرّ بي الشيء من سيرة عليّ بن أبي طالب و مواقفه في خدمة الإسلام.
فما أصنع؟
فلم يأذن له بتدوين شيء يتعلّق بعليّ، إلّا إذا تضمّن قدحا أو ذمّا.
و المرجّح عندنا انّ سبب اضطراب أحاديث عائشة في معاوية و بني مروان و الأمويين و ما نقل عن الزهريّ و غيره إنّما يرجع الى الظروف السياسيّة الحاكمة آن ذاك. و انّ اختلاف نظر السيّدة يرجع الى اختلاف رؤيتها إليهم، فهي كانت تتعاون معهم في أوائل عهد معاوية و ذلك لغليان ضغينتها على عليّ و قرب عهدها بالجمل. أمّا بعد مقتل حجر بن عدي فقد بدأت سياستها تتغيّر شيئا فشيئا، و يحتمل أن تكون أحاديثها في النيل من مروان و معاوية جاءت في الفترة المتأخّرة من حياتها و ذلك لاتّضاح آفاق السياسة الأمويّة و وقوف عائشة على الحقائق! فقد نقل المؤرّخون عتابها لمعاوية لمّا أتاها إلى المدينة زائرا لبيت اللّٰه.