اسم الکتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 203
بمنزلة وصيّة من رسول اللّٰه في عدم فضحه للمنافقين «إلّا أن ترى كفرا بواحا».
أمّا تعميم ذلك على جميع المسلمين و أن نستخرج منه أصلا شرعيّا، فهو تحريف للسنّة الشريفة و العقيدة الإسلاميّة الآمرة بلزوم مواجهة الظالمين، و أنّ أعظم الجهاد «كلمة حقّ عند سلطان جائر»، و «إنّ الساكت عن الحقّ شيطان أخرس».
فكيف يسمح الإسلام بتصدر الفاسق لأمره المسلمين، و سبحانه يصرّح:
(لٰا يَنٰالُ عَهْدِي الظّٰالِمِينَ) و ما تعني و هذه الرؤى؟! هذا، و انّ موقف أنس بن مالك يدلّ على أصالة نهج الوضوء الثنائيّ المسحيّ، لأنّه على رغم مخالفته لعليّ و عدم شهادته في صدور جملة: «من كنت مولاه» [1] فيه، تراه يدافع و بكلّ صلابة عن وضوء الناس، فما معنى ذلك؟! ألم يكن لثبوته عنده، و أنّه قد رأى رسول اللّٰه يفعل ذلك، و أنّ القرآن نزل به؟! و كيف يترك ما شاهده عن الرسول و ينساق إلى الحكام؟
خبر مشوّه
أمّا الأمويّون- و من باب الملازمة- فقد سعوا لتضعيف تلك الأخبار، بما رووه عن أنس و أنّه يدعو إلى الوضوء الثلاثيّ، ليعارضوا ما ثبت عنه في المسح.
أخرج الطبرانيّ في الصغير بسنده عن عمر بن أبان بن مفضل المدنيّ، قال:
أراني أنس بن مالك الوضوء. أخذ ركوة فوضعها على يساره، و صبّ على يده اليمنى فغسلها ثلاثا، ثمّ أدار الركوة على يده اليمنى فتوضّأ ثلاثا ثلاثا، و مسح برأسه ثلاثا، و أخذ ماء جديدا لسماخيه، فمسح سماخيه.
فقلت له: قد مسحت أذنيك! فقال: يا غلام، إنّها من الرأس، ليس هما من الوجه، ثمّ قال: يا غلام، هل رأيت و فهمت، أو أعيد ذلك؟
فقلت: قد كفانيّ، و قد فهمت.
[1] مسند أحمد 1: 84، 118، الجامع الصغير 2: 642- 9000، سنن الترمذيّ 5: 297- 3797.
اسم الکتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 203