اسم الکتاب : منية المريد المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 54
من التقوى، و زاهد يؤمن بالمعاد و يخشى ربّه، ممّن يعمل و
يثبت على قوله قبل أن يقول.
أنهى الشهيد الثاني
تأليف هذا الكتاب في يوم الخميس العشرين من شهر ربيع الأول عام 954، أي في حدود
إحدى عشرة سنة قبل شهادته، و هذا بعد أن رأى كثيرا من الحوزات العلمية يومئذ و
اشتغل في كثير منها بالتعلّم أو التعليم. إن الشهيد الثاني بالإضافة إلى تتلمذه
لدى علماء الشيعة في جبل عامل و غيرها، كان قد تتلمذ لدى كبراء علماء العامّة في
دمشق و مصر و غيرهما و تعرّف على كثير من طرقهم و أساليبهم. و بعد المطالعة و
التحقيق الواسع في مختلف الكتب، و بعد النضج و التجارب الكثيرة و الممارسات
الطويلة كتب «منية المريد» لهداية العلماء و الطلاب. و فرق بين من لا يلمس الواقع
بيده و من جرّب مختلف حوادث الأيّام و كان في صميمها.
و إنّ أسلوب تنظيم و
تحرير «المنية» حسن جدّا، فهو مشحون بالآيات و الروايات و أقوال العلماء و الأبيات
المناسبة لكلّ باب، و قد ذكر فيها الآداب و القواعد لطلب العلم بصورة طبيعية تحكي
عن النظر الدقيق و الفكر المنظم و المنطقي للمؤلّف: فقد دوّن الكليات كفضيلة العلم
و محاسنه و محاسن العالم و المتعلم في المقدّمة، و ما يتعلّق بالمعلّم و المتعلّم
في باب مستقل، و ما يرتبط بآداب المفتي و المستفتي و أدب الكاتب و آداب المناظرة
في فصول و أبواب مستقلة أيضا و بكيفية منتظمة، و جاء بالفقرات في ذيل هذه الأبواب
مرقّمة بالأعداد، و هذا الترتيب ينتقش في ذهن القارئ أسرع، و كذلك يجد المراجع ما
يحتاج إليه فيه بدون إتلاف للوقت و الجهد. و الخلاصة فهو كما قال بعض أهل الفضل:
«هو من أحسن كتب
الإماميّة في كيفية البلوغ إلى أقصى الغاية، و الترقي إلى المقامات العالية
الإنسانية، و بيان فضل العلم و أهله و آداب تعليمه و تعلّمه، و شرائط الفتوى و
المفتي و آدابهما و شرائط المستفتي، و غير ذلك ممّا يتعلّق بالعلم و العمل و تهذيب
الأخلاق الإنسانية، و الوصول إلى الدرجات الملكية، و اللحوق بالنفوس الكاملة
القدسية»[1].
إنّ عناية كبار العلماء
بهذا الكتاب تدلّ على أهميته و عظمته، و إليكم الآن نماذج