لم يجز إيقاع تطليقتين بكلمة واحدة، لأن جميعها في كلمة واحدة فلم يطلق مرتين، كما أن من أعطى درهمين دفعة واحدة فلم يعطهما مرتين. فإن قيل: فهذا يقتضي جواز إيقاع الطلقتين في طهر واحد وأنتم تأبون ذلك. قلنا: إذا ثبت وجوب تفريق الطلقتين، فلا أحد يذهب إلى وجوب تفرقهما في طهرين إلا وأوجب تفرقهما في طهر واحد. وأيضا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: كان الطلاق الثلاث على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وصدرا من أيام عمر طلقة، فقال عمر: لقد تعجلتم أمرا كان فيه أناة، وألزمهم الثلاث [1]. وأيضا ما روي عن ابن عمر أنه قال: طلقت امرأتي وهي حائض ثلاثا، فأمرني النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن أراجعها [2]. وأيضا ما روي عن ابن عمر، من أنه طلق امرأته وهي حائض، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمر: " مره فليراجعها ثم ليدعها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم ليطلقها إن شاء " [3] فأمر صلى الله عليه وآله وسلم بالفصل بين التطليقتين بحيضة وطهر، ومخالفنا لا يوجب ذلك. وفي خبر آخر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لابن عمر: ما هكذا أمرك ربك، وقد .
[1] صحيح مسلم 2: 1099 / 15، سنن الدارقطني 4: 46 / 137، السنن الكبرى للبيهقي 7: 336، جامع الأصول 7: 597 / 5757. [2] صحيح البخاري 7: 82 / 181، سنن الترمذي 3: 478 / 1175، سنن الدارقطني 4: 5 / 6، سنن أبي داود 2: 255. [3] صحيح مسلم 2: 1093 / 1، سنن أبي داود 2: 255 / 2179، سنن الدارقطني 4: 6 / 7، سنن النسائي 6: 138، الموطأ 2: 576 / 53، أحكام القرآن للجصاص 2: 62.