فأما نكاح المتعة فينعقد بما ينعقد به المؤبد من الألفاظ وقوله: أمتعيني نفسك، وأوجريني أيضا. ووافقنا الشافعي على أن النكاح لا ينعقد إلا باللفظين اللذين ذكرناهما [1]. وقال أبو حنيفة: ينعقد النكاح بكل لفظ يقتضي التمليك كالبيع، والهبة، والتمليك، فأما ما لا يقتضي التمليك كالرهن والإباحة فلا ينعقد به، وفي الإجارة عنده روايتان أصحهما أنه لا ينعقد بها [2]. وقال مالك: أن ذكر المهر مع هذه الألفاظ انعقد، وإن لم يذكره لم ينعقد [3]. دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه: الاجماع المتردد، وأيضا قوله تعالى: (يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك) إلى قوله: (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين) [4] فجعل النكاح بلفظ الهبة من جملة ما خص الله تعالى به نبيه عليه السلام، فثبت أنه مخصوص بذلك. وليس لأحد أن يحمل قوله تعالى: (خالصة لك) على أن المراد به سقوط المهر. وذلك أن الكناية بقوله: (خالصة لك) يجب رجوعه إلى مذكور متقدم، والذي تقدم ذكره هو الموهوبة وقبول نكاحها دون سقوط المهر، فيجب عود الكناية إلى ما ذكرناه. .
[1] المجموع شرح المهذب 16: 210، حلية العلماء 6: 368، المغني لابن قدامة 7: 429، بداية المجتهد 2: 5. [2] المبسوط للسرخسي 5: 59، الهداية للمرغيناني 1: 189 - 190، شرح فتح القدير 3: 105، اللباب في شرح الكتاب 3: 10. [3] المجموع شرح المهذب 16: 210، المغني لابن قدامة 7: 429، الشرح الكبير (ضمن كتاب المغني) 7: 371. [4] سورة الأحزاب، الآية: 50.