وهذه المسألة أيضا مما استقصيناه واستوفينا الكلام فيه في مسائل الخلاف، فمن أراد بلوغ الغاية في معنى هذه الآية رجع إلى الموضع الذي ذكرناه. المسألة الثانية والثلاثون: " الدلك شرط في صحة الوضوء " (*). عندنا: أن إمرار اليد على الجسد في غسل الجنابة غير واجب وكذلك في الوضوء، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والثوري، والأوزاعي، والشافعي [1]. وقال مالك: لا يجزيه حتى يدلك ما يغسله ويمر يده عليه، وهو مذهب الزيدية [2]. دليلنا بعد اجماع الفرقة المحقة قوله تعالى: (حتى تغتسلوا) [3]. وقوله تعالى: (فاغسلوا وجوهكم) [4]. ولا شبهة في أنه يسمى مغتسلا وإن لم يدلك بدنه ويمر يده عليه. وقوله عليه السلام: " أما أنا فأفيض على رأسي، وسائر بدني، فإذا فعلت ذلك فقد
* هذا من الغسل عند أهل المذهب ولذلك لم يذكروا اشتراط الدلك (ح). [1] المبسوط للسرخسي 1: 44 - 45، المجموع شرح المهذب 2: 185، بداية المجتهد 1: 45، المغني لابن قدامة 1: 218، الشرح الكبير 1: 214، مغني المحتاج 1: 74، إرشاد الساري 1: 315، الاستذكار لابن عبد البر 1: 330. [2] بداية المجتهد 1: 45، الاستذكار لابن عبد البر 1: 329، إرشاد الساري 1: 315، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5: 210، شرح الأزهار 1: 85، المنار في المختار 1: 60 - 61، نيل الأوطار 1: 277، المغني لابن قدامة 1: 218. [3] سورة النساء، الآية: 43. [4] سورة المائدة، الآية: 6.