اسم الکتاب : كفاية الأحكام المؤلف : المحقق السبزواري الجزء : 2 صفحة : 776
و فيه تأمّل، لأنّ المستفاد من الروايات الفرق بين الاستدعاء و عدمه، و لزوم الإقامة مع الاستدعاء مطلقاً و إن حصلت الكفاية بغيره، و المسألة محلّ تردّد، للتعارض بين ظاهر الآية و الأخبار المعتبرة المتعدّدة.
نعم لو شهد و علم بقاء الحقّ على المدّعى عليه حين الدعوى و توقّف الاستيفاء على شهادته فالظاهر وجوبها عليه و إن لم يشهد عليه، و حينئذٍ كان عموم الأخبار المذكورة مخصّصاً بهذه الصورة.
و نبّه على ذلك الصدوق في الفقيه، حيث قال بعد نقل رواية محمّد بن مسلم و غيرها: معنى هذا الخبر الّذي جعل الخيار فيه إلى الشاهد بحساب الرجلين هو إذا كان على ذلك الحقّ غيره من الشهود، فمتى علم أنّ صاحب الحقّ مظلوم و لا يحيى حقّه إلّا بشهادته وجب عليه إقامتها و لم يحلّ له كتمانها، فقد قال الصادق (عليه السلام): العلم شهادة إذا كان صاحبها مظلوماً [1]. و كأنّه إشارة إلى مرسلة يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: إذا سمع الرجل الشهادة و لم يشهد عليها فهو بالخيار إن شاء شهد، و إن شاء سكت، إلّا إذا علم من الظالم فيشهد، و لا يحلّ له إلّا أن يشهد [2].
الرابعة: المشهور أيضاً وجوب تحمّل الشهادة كفاية
لقوله تعالى وَ لٰا يَأْبَ الشُّهَدٰاءُ إِذٰا مٰا دُعُوا[3] و صحيحة هشام بن سالم السابقة في المسألة المتقدّمة [4]. و رواية أبي الصباح الكناني [5] و غيرها.
و ذهب ابن إدريس إلى عدم الوجوب، عملًا بالأصل و طعناً في الأخبار و دلالة الآية بأنّ صدق الشاهد بعد التحمّل، فتكون الآية مختصّة بالإقامة [6]. و هو خلاف ما يدلّ عليه سياق المقام، و لعلّ الأوّل أقرب.