اسم الکتاب : سعد السعود للنفوس المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 74
ما كان على أداء الواجبات التي تشق على النفس و يحتاج إلى
التكليف و الثاني ما هو مندوب فإن الصبر عليه مندوب إليه و الثالث مباح جائز و هو
الصبر على المباحات التي ليست بطاعة الله. يقول علي بن موسى بن طاوس اعلم أن ظاهر
هذه الآية يقتضي تعظيم الدعاء لله بالغداة و العشي و تعظيم الذين يعملون ذلك خالصا
لوجه الله تعالى فإن مقام الرسالة من أبلغ غايات الجلالة فإذا أمر الله تعالى
رسوله و هو السلطان الأعظم ص أن يصبر نفسه الشريفة المشغولة بالله مع الدعاة
بالعشي و الغداة و صار المتبوع المقتدى به كالتابع و الجليس و الملازم لها و لا
بطريق ما خصهم بين إخلاص الدعاء في الصباح و المساء فقد بالغ جل جلاله في تعظيم
هذا المقام بما يقصر عن شرحه لسان الأقلام و الأفهام. أقول و أما قول جدي الطوسي
إن الصبر ثلاثة أقسام كما ذكرناه عنه فإذا كان الصبر كما فسره أنه على ما يشق فأي
مشقة في المباح حتى يدخل تحت لفظ الصبر عليه و كيف يكون كما ذكره غير طاعة و يشتمل
أمر الشرع بالصبر عليه و هل إذا اشتمل عليه حكم الشرع يبقى له حكم الإطاعة أما
واجبا أو ندبا و قد كنت ذكرت في عدة مواضع من تصانيفي أن هذا القسم الذي ذكره كثير
من المسلمين أنه مباح للمكلفين و خال من أدب الله عليه نعمة لله فيه و تدبير الله
في بعض معانيه إنني ما وجدت هذا القسم بالكلية للعقلاء المكلفين بالتكاليف العقلية
و الشرعية و إنما يصح وجوده لمن هو غير مكلف من البشر و من الدواب و ربما لا يتوجه
إليهم أيضا تحقيق الإباحة في الخطاب بل يكون لفظ الإباحة لغير العقلاء المكلفين
مجازا لأنهم غير مخاطبين و إلا فجميع ما جعل الله جل جلاله لعباده ذوي الألباب
عليه شيء من الأوامر و الآداب و هو يخرجه عن حد المباح العاري من الخطاب المطلق
الذي لا يفيد بشيء من الأسباب لأن الله جل جلاله حاضر مع العبد في كل ما يتقلب
فيه و يطلع عليه و العبد لا يخلو أبدا أنه بين يدي مولاه و محتاج إلى الآداب بين
يديه فأين الفرار من المطلع
اسم الکتاب : سعد السعود للنفوس المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 74