لأنّ ما يجب تحمل الضرر لدفعه لا يجوز إحداثه لدفع الضرر عن النفس.
و إن كان لغوا محضا، فالظاهر أنّه لا يجوز مع ظنّ تضرّر الغير، لأنّ تجويز ذلك حكم ضرريّ، و لا ضرر على المالك في منعه عن هذا التصرّف، و عموم «الناس مسلّطون على أموالهم» محكوم عليه بقاعدة «نفي الضرر».
و هو الذي يظهر من جماعة كالعلّامة في التذكرة [1] و الشهيد في الدروس [2]، حيث قيّدا [3] التصرّف في كلامهما بما جرت به العادة، و المحقق الثاني [4] حيث قيّد الجواز مع ظنّ تضرّر الغير بصورة دعاء الحاجة، بل العلّامة في التذكرة حيث استدلّ على الجواز- في كلامه المتقدّم- بأنّ منعه عن عموم التصرّف ضرر منفيّ، إذ لا شكّ أنّ منعه عن هذا التصرّف ليس ضررا [5] و قد قطع الأصحاب بضمان من أجّج نارا زائدا على مقدار الحاجة مع ظنّ التعدّي [6].
اللّٰهمّ إلّا أن يقال: إنّ الضمان لا يدل على تحريم الفعل. فربّما كان مبنى الضمان على التعدّي العرفيّ و إن لم يكن محرّما، كما يظهر من كثير من كلماتهم.
و أمّا ما كان لجلب المنفعة، فظاهر المشهور- كما عرفت من كلمات الجماعة- الجواز.
و يدلّ عليه أنّ حبس المالك عن الانتفاع بملكه و جعل الجواز تابعا لتضرر الجار حرج عظيم لا يخفى على من تصوّر ذلك. و لا يعارضه تضرّر الجار، لما تقدّم من أنّه لا يجب تحمّل الحرج و الضرر لدفع الضرر عن الغير، كما يدل عليه
[1] التذكرة 2: 376 كتاب الغصب، الفصل الثاني، البحث الثاني، المسألة 11.