و قوله تعالى فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ[1] فيقال: إنّ من فوّت على غيره منفعة- كأن حبسه عن عمله- جاز له أخذ ما يساوي تلك المنفعة منه.
إلّا أنّ دلالة هذه الآيات على نفس ما استدلّوا بها عليه فضلا عن نظيره قاصرة جدّا.
[التنبيه] الثالث
ذكر بعض المعاصرين [2] جوابا عن إيراد أورده على الاستدلال بنفي الضرر لرفع التكاليف الثابتة بعموم أدلّتها في مورد الضرر، مثل وجوب الحجّ و الصلاة و الوضوء و الصوم على من تضرّر، و هو: أنّا قد حققنا أنّ الضرر ما لا يحصل في مقابله نفع، و أمّا ما يحصل في مقابله نفع دنيوي أو أخروي فلا يكون ضررا، فإذا ورد- مثلا-: حجّوا إذا استطعتم، أو صلّوا إذا دخل الوقت، أو صوموا إذا دخل شهر رمضان، دلّ على عمومه على وجوب هذه الأفعال و ان تضمّن ضررا كليّا. و الأمر يدلّ على العوض فلا يكون ضررا.
فأجاب بما لفظه: «إنّ الأمر إنّما [3] يتعلق بالصلاة و الحجّ. و لازمة تحقق الأجر المقابل لماهيّة الحجّ و الصلاة المتحقّقة في حال عدم الضرر أيضا، و أمّا حصول عوض في مقابل الضرر و أجر له، فلا دليل عليه.
نعم لو كان نفس الضرر ممّا أمر به فيحكم بعدم التعارض و بعدم كونه ضررا. كما في قوله: إذا ملكتم النصاب فزكّوا، و أمثاله» (انتهى).