اسم الکتاب : رسائل الشريف المرتضى المؤلف : السيد الشريف المرتضي الجزء : 1 صفحة : 443
(عليه السلام) على ذلك على مضض شديد.
و قد يثقل على الطباع ما فيه مصلحة من العبادات، كالصوم في الحر، و الغسل بالماء في الزمهرير.
و قد روي ان عمر بن الخطاب قام في تلك الحال إلى النبي (صلى اللّٰه عليه و آله) و قال: أ لست نبي اللّٰه؟ فقال له: بلى. فقال: أ و لسنا بالمسلمين؟ فقال (عليه السلام): بلى. فقال: فلم تعطي هذه الدنية من نفسك؟ فقال: ليست بدنية أنها خير لك. فقال: أ فلست قد وعدتنا بدخول مكة فما بالنا لا ندخلها؟
فقال (عليه السلام) له: أوعدتك بدخولها العام. فقال عمر: لا. فقال (عليه السلام):
فتدخلها.
و يروى عن عمر أنه قال: ما شككت منذ أسلمت إلا يوم صالح رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه و آله) أهل مكة، فانني قلت له: كذا و كذا. و ساق الحديث [1].
فأما ما مضى في أثناء المسألة من أنه كان يجب مع الشك أن يستفهم، فقد فعل (عليه السلام) ما يقوم مقام الاستفهام من التوقف، حتى ينكشف الأمر.
و قد بان بتوقفه الأمر و اتضح، و هو (عليه السلام) ما كان قط شاكا في أن الرسول لا يوجب قبيحا و لا يأمر بمفسدة، و انما لما تعلق ما ظهر من صورة الأمر بفعل تنفر منه النفوس و تحيد عنه الطباع، جوز (عليه السلام) ألا يكون ذلك القول أمرا فتلاه بتوقفه، و ذلك منه (عليه السلام) غاية الحكمة و نهاية الاحتياط للدين.
نجزت المسائل الطرابلسيات، و الحمد للّٰه رب العالمين، و صلى اللّٰه على سيدنا محمد و آله الأكرمين.
[1] رواه مسلم في صحيحه 1- 94 و راجع القصة و الكلام حولها كتاب الطرائف ص 440.
اسم الکتاب : رسائل الشريف المرتضى المؤلف : السيد الشريف المرتضي الجزء : 1 صفحة : 443