سِجَافٌ أَبْيَضُ لَمْ يُبَيِّضْهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ حَضَرَ فَأَشَارَ الْمَأْمُونُ إِلَى النَّاسِ أَنْ هَاتُوا التُّرَابَ فَأَلْقُوهُ فِي الْقَبْرِ فَقُلْتُ لَا تَفْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: وَيْحَكَ فَمَنْ يَمْلَأُهُ قُلْتُ قَدْ أَمَرَنِي لَا يُطْرَحُ التُّرَابُ عَلَيْهِ وَ أَنَّ الْقَبْرَ سَيَمْتَلِئُ مِنْ نَفْسِهِ وَ يَنْطَبِقُ وَ يَتَرَبَّعُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَ يُرَشُّ عَلَيْهِ مَاءٌ لَيْسَ مِنْ عِنْدِ النَّاسِ فَأَشَارَ الْمَأْمُونُ إِلَى النَّاسِ أَنْ كُفُّوا فَرَمَوْا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ التُّرَابِ ثُمَّ امْتَلَأَ الْقَبْرُ وَ انْطَبَقَ وَ تَرَبَّعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَ رُشَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ لَمْ يُدْرَ مَنْ رَشَّهُ أَزْكَى مِنَ الْمِسْكِ وَ أَبْيَضَ مِنَ اللُّجَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ الْمَأْمُونُ وَ انْصَرَفْنَا ثُمَّ دَعَانِي وَ أَخَذَ مَجْلِسَهُ ثُمَّ قَالَ: وَ اللَّهِ يَا هَرْثَمَةُ لَتَصْدُقَنِّي عَمَّا سَمِعْتَهُ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ قُلْتُ قَدْ أَخْبَرْتُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لِي: لَا وَ اللَّهِ أَوْ تَصْدُقَنِّي عَمَّا أَخْبَرَكَ مِنْ غَيْرِ مَا قُلْتَهُ لِي فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَعَمْ تَسْأَلُنِي قَالَ: بِاللَّهِ يَا هَرْثَمَةُ هَلْ أَسَرَّ إِلَيْكَ شَيْئاً غَيْرَ هَذَا قُلْتُ نَعَمْ خَبَرَ الْعِنَبِ وَ الرُّمَّانِ وَ السَّمِّ فَأَقْبَلَ الْمَأْمُونُ يَتَلَوَّنُ أَلْوَاناً صَفْرَاءَ وَ حَمْرَاءَ وَ سَوْدَاءَ ثُمَّ مَدَّ نَفْسَهُ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ وَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي غَشْيَتِهِ وَ هُوَ يُجْهِرُ وَيْلُ الْمَأْمُونِ مِنَ اللَّهِ وَيْلُ الْمَأْمُونِ مِنَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى وَ وَيْلٌ لِأَبِيهِ هَارُونَ مِنْهُمْ جَمِيعاً وَ وَيْلُهُ مِنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ وَ يُكَرِّرُهُ، قَالَ هَرْثَمَةُ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ طَالَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ وَلَّيْتُ عَنْهُ فَجَلَسْتُ فِي بَعْضِ الدَّارِ فَجَلَسَ وَ دَعَانِي إِلَيْهِ وَ هُوَ كَالسَّكْرَانِ إِذَا ثَمِلَ فَقَالَ لِي وَ اللَّهِ يَا هَرْثَمَةُ مَا أَنْتَ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْهُ وَ لَا جَمِيعُ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ السَّمَاءِ وَ اللَّهِ لَئِنْ أَعَدْتَ مِمَّا سَمِعْتَ وَ رَأَيْتَ شَيْئاً لَيَكُونَنَّ هَلَاكُكَ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِمَّا لَمْ يَكُنْ قُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَظْهَرْتُ عَلَى ذَلِكَ أَحَداً فَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ دَمِي قَالَ لَا وَ اللَّهِ أَوْ تُعْطِيَنِي عَهْداً مُوَثَّقاً أَنَّكَ تَكْتُمُ هَذَا الْأَمْرَ وَ لَا تُعِيدُهُ فَأَخَذَ مِنِّي الْعَهْدَ وَ الْمِيثَاقَ وَ أَكَّدَهُ فَلَمَّا وَلَّيْتُ عَنْهُ صَفَقَ بِيَدَيْهِ ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَ لا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَ هُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَ كانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً.
وَ عَنْهُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ الْقُمِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ