الْحَسَنِ حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَرِدُ إِلَيَّ مِنْ خَبَرِ سَارِيَةَ وَ هَلْ مَا رَأَيْتُهُ صَحِيحاً أَمْ لَا، قَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: وَيْحَكَ يَا عُمَرُ فَإِذَا صَحَّ وَ وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ عَلَيْكَ بِتَصْدِيقِ مَا رَأَيْتَ وَ مَا عَايَنْتَ، وَ أَنَّهُمْ قَدْ سَمِعُوا صَوْتَكَ وَ لَجَأُوا إِلَى الْجَبَلِ كَمَا رَأَيْتَ هَلْ أَنْتَ مُسَلِّمٌ مَا ضَمِنْتَ؟ قَالَ: لَا يَا أَبَا الْحَسَنِ، وَ لَكِنِّي أُضِيفُ هَذَا إِلَى مَا رَأَيْتُ مِنْكَ وَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ.
فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: وَيْلَكَ يَا عُمَرُ إِنَّ الَّذِي تَقُولُ أَنْتَ وَ حِزْبُكَ الضَّالُّونَ إِنَّهُ سِحْرٌ وَ كِهَانَةٌ لَيْسَ فِيكَ شَكٌّ، فَقَالَ: ذَلِكَ قَوْلٌ قَدْ مَضَى وَ الْأَمْرُ لَنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَ نَحْنُ أَوْلَى بِتَصْدِيقِكُمْ فِي أَفْعَالِكُمْ وَ مَا نَرَاهُ مِنْ عَجَائِبِكُمْ إِلَّا أَنَّ هَذَا الْمُلْكَ عَقِيمٌ.
فَخَرَجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وَ لَقِينَاهُ فَقُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا هَذِهِ الْآيَةُ الْعَظِيمَةُ؟ وَ هَذَا الْخِطَابُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ؟ فَقَالَ: هَلْ عَلِمْتُمْ أَوَّلَهُ؟ فَقُلْنَا مَا عَلِمْنَاهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ لَا نَعْلَمُهُ إِلَّا مِنْكَ، قَالَ: إِنَّ هَذَا ابْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِي إِنَّهُ حَزِينُ الْقَلْبِ بَاكِي الْعَيْنِ عَلَى جُيُوشِهِ الَّتِي فِي فُتُوحِ الْجَبَلِ فِي نَوَاحِي نَهَاوَنْدَ، وَ إِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ صِحَّةَ أَخْبَارِهِمْ وَ كَيْفَ مَعَ كَثْرَةِ جُيُوشِ الْجَبَلِ وَ إِنَّ عَمْرَو بْنَ مَعْدِي كَرِبٍ قُتِلَ وَ دُفِنَ بِنَهَاوَنْدَ، وَ قَدْ ضَعُفَ جَيْشُهُ وَ اتَّصَلَ الْخَبَرُ بِقَتْلِ عَمْرٍو، فَقُلْتُ لَهُ: وَيْحَكَ يَا عُمَرُ كَيْفَ تَزْعُمُ أَنَّكَ الْخَلِيفَةُ فِي الْأَرْضِ، وَ الْقَائِمُ مَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ مَا وَرَاءَ أُذُنِكَ وَ تَحْتَ قَدَمِكَ؟ وَ الْإِمَامُ يَرَى الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَيْهَا، وَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ شَيْءٌ؟ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا الْحَسَنِ أَنْتَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ فَأْتِ خَبَرَ سَارِيَةَ وَ أَيْنَ هُوَ؟ وَ مَنْ مَعَهُمْ؟ وَ كَيْفَ صُوَرُهُمْ؟ فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَإِنْ قُلْتُ لَكَ لَا تُصَدِّقُنِي وَ لَكِنِّي أُرِيكَ جَيْشَكَ وَ أَصْحَابَكَ وَ سَارِيَةَ قَدْ كَمَنَ بِهِمْ جَيْشُ الْجَبَلِ فِي وَادٍ قَعِيدٍ بَعِيدِ الْأَقْطَارِ كَثِيرِ الْأَشْجَارِ فَإِنْ سَارَ بِهِ جَيْشُكَ يَسِيراً خَلَصُوا بِهَا، وَ إِلَّا قُتِلَ أَوَّلُ جَيْشِكَ وَ آخِرُهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ مَا لَهُمْ مَلْجَأٌ مِنْهُمْ، وَ لَا يَخْرُجُونَ