حَبَابَةُ ارْحَلِي إِلَى أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَجَهَازُكِ هُنَاكِ مُنْفَرِداً.
قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ الْخَصِيبِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمَدَنِيُّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مَوْلَايَ عَلِيٍّ الرِّضَا (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) حَاضِراً لِأَمْرِ حَبَابَةَ وَ قَدْ دَخَلَتْ إِلَى أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَلَمْ تَلْبَثْ إِلَّا بِمِقْدَارِ مَا عَايَنَتْ جَهَازَهَا حَتَّى تَشَهَّدَتْ وَ قُبِضَتْ إِلَى اللَّهِ رَحِمَهَا اللَّهُ.
قَالَ مَوْلَانَا الرِّضَا (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) رَحِمَكِ اللَّهُ يَا حَبَابَةُ قُلْنَا: يَا سَيِّدَنَا وَ لَمَّا قُبِضَتْ قَالَ لَبِثَتْ إِلَى أَنْ عَايَنَتْ جَهَازَهَا حَتَّى قُبِضَتْ إِلَى اللَّهِ وَ أَمَرَ بِتَجْهِيزِهَا فَجُهِّزَتْ وَ خَرَجَتْ وَ صَلَّيْنَا عَلَيْهَا وَ حُمِلَتْ إِلَى حُفْرَتِهَا وَ أَمَرَ سَيِّدُنَا بِزِيَارَتِهَا وَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ عِنْدَهَا وَ التَّبَرُّكِ بِالدُّعَاءِ هُنَاكَ
فكان هذا من دلائل مولانا أمير المؤمنين و براهينه (عليه السلام).
وَ عَنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ كُنْتُ بَيْنَ يَدَيْ مَوْلَانَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذْ دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ لِجَمَاعَةٍ إِنَّ لَنَا سِتْراً فِيمَا بَيْنَنَا، تَخَفَّفُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ، فَشَمَرَتْ وُجُوهُنَا وَ قُلْنَا مَا كَذَا كَانَ يَفْعَلُ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَقَدْ كَانَ يَأْتَمِنُنُا عَلَى سِرِّهِ فَمَا لَكَ لَمَّا رَأَيْتَ فِتْيَانَ الْمُسْلِمِينَ تَسَرَّيْتَ بِفِتْيَانِ رَسُولِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لِلنَّاسِ أَسْرَارٌ لَا يُمْكِنُ إِعْلَانُهَا فَقُمْنَا مُغْضَبِينَ، وَ خَلَا بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَلِيّاً، ثُمَّ قَامَا مِنْ مَجْلِسِهِمَا حَتَّى رَقِيَا مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) جَمِيعاً فَقُلْنَا: اللَّهُ أَكْبَرُ تَرَى ابْنَ حَنْتَمَةَ رَجَعَ عَنْ غَيِّهِ وَ طُغْيَانِهِ وَ رَقِيَ الْمِنْبَرَ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ قَدْ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَ رَأَيْنَا عُمَرَ يَرْتَعِدُ وَ يَقُولُ: لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، ثُمَّ صَاحَ مِلْءَ صَوْتِهِ يَا سَارِيَةُ الْجَإِ الْجَبَلَ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ قَبَّلَ صَدْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ نَزَلَا وَ هُوَ ضَاحِكٌ، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَهُ: افْعَلْ مَا زَعَمْتَ يَا عُمَرُ أَنَّكَ فَاعِلُهُ وَ أَنْ لَا عَهْدَ لَكَ وَ لَا وَفَاءَ، فَقَالَ لَهُ أَمْهِلْنِي يَا أَبَا