اسم الکتاب : المعيار و الموازنة في فضائل الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) المؤلف : الإسكافي، أبو جعفر الجزء : 1 صفحة : 133
أمّا بعد فإني قد عجبت لتخلّفكم عن إخوانكم و انقطاعكم عن مصركم في [هذه] المساكن الظالم أهلها، أكثر سكانها لا معروف يأمرون به و لا منكر ينهون عنه [1].
فقالوا: يا أمير المؤمنين كنّا ننتظر أمرك.
فخرج ثمّ نزل الأنبار فاستقبله دهقان من رؤسائها يقود البراذين [في جمع من الدهاقنة] و قد اتخذوا له و لأصحابه طعاما و علفا [فلمّا استقبلوه ترجّلوا له و اشتدّوا بين يديه] [2] فقال لهم: ما هذه الدواب التي معكم، و ما أردتم بهذا الذي صنعتم:
فقالوا: أمّا [ما] صنعنا فإنّه. شيء كنّا نعظّم به الأمراء، و أمّا هذه البراذين فأهديناها لك، و قد صنعنا لك و للمسلمين طعاما، و هيّئنا لدوابكم علفا.
فقال [عليّ] رضي اللّه عنه: أمّا هذا الذي زعمتم أنّه منكم خلق تعظّمون به الأمراء، فو اللّه ما ينفع ذلك الأمراء، و إنكم لتشقّون [3] على أنفسكم و أبدانكم فلا تعودوا له. و أما دوابّكم هذه فإن أحببتم أخذناها منكم و حسبناها لكم من خراجكم، و أمّا الذي صنعتم من الطعام و العلف، فإنّا نكره أن نأكل من أموالكم شيئا إلّا بثمن.
فقالوا: يا أمير المؤمنين إنّ لنا من العرب موالي و معارف أ فتمنعنا أن نهدي لهم؟
و تمنعهم أن تقبلوا هديّتنا؟ فقال (عليه السلام): و كل العرب لكم موالي و معارف، ليس أحد من العرب بأحق منكم من أحد، و لست أمنعكم أن تهدوا لمعرفة، و لا لأحد من المسلمين أن يقبل هدية، و إن غصبكم أحد فأعلمونا. فقالوا: إنّا نحبّ يا أمير المؤمنين أن تقبل كرامتنا، فقال: و يحكم نحن أغنى منكم.
[1] و في المختار: (190) من نهج السعادة: ج 2 ص 140: «و الهالك أكثر سكانها لا معروفا تأمرون به و لا منكرا تنهون عنه».
[2] ما بين المعقوفات مما يدلّ عليه السياق، و هو مذكور معنى في كتاب صفّين و تحت الرقم: (37) من الباب الثالث من نهج البلاغة.
[3] هذا هو الصواب الموافق لما في نهج البلاغة و نهج السعادة، و في الأصل: «و إنّكم لتشفقون ...».
اسم الکتاب : المعيار و الموازنة في فضائل الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) المؤلف : الإسكافي، أبو جعفر الجزء : 1 صفحة : 133