اسم الکتاب : الفصول المختارة المؤلف : الشيخ المفيد الجزء : 1 صفحة : 31
[فصل مناظرة مع الورثاني في مشاورة النبي ص و آية الشورى]
(فصل) و من كلام الشيخ
أدام الله عزه أيضا حضر في دار الشريف أبي عبد الله محمد بن محمد بن طاهر رحمه
الله و حضر رجل من المتفقهة يعرف بالورثاني و هو من فقهائها فقال له الورثاني أ
ليس من مذهبك أن رسول الله ص كان معصوما من الخطأ مبرأ من الزلل مأمونا عليه من
السهو و الغلط كاملا بنفسه غنيا عن رعيته.
فقال له الشيخ أيده الله
بلى كذلك كان ص قال له فما تصنع في قول الله جل جلاله وَ شاوِرْهُمْ فِي
الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ[1] أ ليس قد أمره الله بالاستعانة بهم في
الرأي و أفقره إليهم فكيف يصح لك ما ادعيت مع ظاهر القرآن و ما فعله النبي ص.
فقال له الشيخ أدام الله
عزه إن رسول الله ص لم يشاور أصحابه لفقر منه إلى آرائهم و لحاجة دعته إلى مشورتهم
من حيث ظننت و توهمت بل لأمر آخر أنا أذكره لك بعد الإيضاح عما أخبرتك به و ذلك
أنا قد علمنا أن رسول الله ص كان معصوما من الكبائر و الصغائر و إن خالفت أنت في
عصمته من الصغائر و كان أكمل الخلق باتفاق أهل الملة و أحسنهم رأيا و أوفرهم عقلا
و أكملهم تدبيرا و كانت المواد بينه و بين الله سبحانه متصلة و الملائكة تتواتر
عليه بالتوفيق من الله عز و جل و التهذيب و الإنباء له عن المصالح و إذا كان بهذه
الصفات لم يصح أن يدعوه داع إلى اقتباس الرأي من رعيته لأنه ليس أحد منهم إلا و هو
دونه في سائر ما عددناه و إنما يستشير الحكيم غيره على طريق الاستفادة و الاستعانة
برأيه إذا تيقن أنه أحسن رأيا منه و أجود تدبيرا و أكمل عقلا أو ظن ذلك فأما إذا
أحاط