فأبوا [أ] ما كنت بمستنجع بنفسك ؟ [3] (قال:) قلت: بلى.
كنت تاركهم ومخالفهم إلى الكلاء والماء.
فقال عليه السلام: فامدد إذا يدك.
فقال الرجل: فوالله ما استطعت أن أمتنع عند قيام الحجة علي [4] (فأخذت بإصبع من أصابعه فقلت: أبايع على أن أطيعك ما أطعت الله، فإذا عصيته فلا طاعة لك علينا.
فقال: نعم وطول صوته، فضربت على يده، ثم التفت إلى محمد بن حاطب وكان من ناحية القوم، فقال: إذا انطلقت إلى قومك فأبلغهم كتبي وقولي.
فتحول إليه محمد حتى جلس بين يديه فقال: إن قومي إذا أتيتهم يقولون: ما يقول صاحبك في عثمان ؟ ! ! فسب الذين حوله عثمان، فرأيت عليا قد كره ذلك حتى رشح جبينه وقال: " أيها القوم كفوا ما إياكم يسأل، ولا عنكم بسائل [5].
قال: فلم أبرح عن العسكر حتى قدم على علي أهل الكوفة فجعلوا يقولون: نرى إخواننا من أهل البصرة يقاتلوننا ؟ ! وجعلوا يضحكون ويعجبون ويقولون
[3] الرائد: من يبعث - من أهل البصارة والجلادة - لتعيين الماء والكلاء لقومه كي يظعنوا اليهما.
و " النجعة " كغرفة وخضرة -: الماء والكلاء.
وقيل: هو طلب الماء والكلاء.
وهو منصوب على الاغراء أي عليكم بالنجعة عليكم بالنجعة.
وقوله: " (أو) ما كنت بمستنجع بنفسك " أي أو ما كنت بنفسك ذاهبا إلى مواضع الماء والكلاء ؟ ! ! وفي النهج: " أرأيت لو أن الذين وراءك بعثوك رائدا تبتغي لهم مساقط الغيث، فرجعت إليهم وأخبرتهم عن الكلاء والماء فخالفوا إلى المعاطش والمجادب ما كنت صانعا ؟ ".
[5] وبما انه لم يكن معه عليه السلام في تلك الحال غير المهاجرين والانصار - كما تقدم ذلك - يعلم أن جلهم كانوا يرون عثمان مستحقا للسب والشتم، وإلا لم يقدموا على ذلك، وأما كراهته عليه السلام فمن باب قوله تعالى في الآية: (108) من سورة الانعام: " ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسب الله عدوا بغير علم ".