اسم الکتاب : الجمل المؤلف : الشيخ المفيد الجزء : 1 صفحة : 23
وسائر الناس ، وعائشة
وطلحة والزبير وأتباعه جميعا معا كانوا على صواب فيما انتهوا إليه من التباين
والاختلاف والحرب والقتال وسفك الدماء ، وضرب الرقاب ، فان فرضهم الذى يعين عليهم
من طريق الاجتهاد هو ذلك بعينه دون سواه ، لم يخرجوا بشئ منه عن طاعة الله ولا
دخلوا به في شئ منه إلا انهم كانوا على الهدى والصواب ، ولو قصروا عنه مع الاجتهاد
المؤدى لهم إليه ; لضلوا عن الحق ، وخالفوا السبيل والرشاد.
وزعموا أن انهم كانوا جميعا مع الحال
التى انتهوا إليها من سفك الدماء ; وقتل النفوس ; والخروج عن الاموال والديار على
أتم مصافاة ومودة وموالات ، ومخالصة في الضماير والنيات ; واستدلوا على ذلك وزعموا
بأن قالوا وجدنا كل فريق من الفريقين متعلقا بحجة تعذره فيما أتاه وتوجب عليه
العمل بما صنع ، وذلك ان علي بن أبى طالب كان مذهبه تحريم قتل الجماعة بالواحد وان
اشتركوا في قتله معا وهو مذهب مشهور من مذاهب أصحاب الاجتهاد ; ولم يثبت عنده أيضا
ان المعروفين بقتل عثمان تولوا على ما ادعى عليهم من ذلك فلم يسعه تسليم القوم إلى
من التمسهم منه ليقتلوهم بعثمان ; ووجب عليه (ع) في اجتهاده الدفاع عنهم بكل حال ،
وكان مذهب عائشة وطلحة والزبير قود الجماعة بالواحد من الناس ; وهو مذهب ابن عمر
بن الخطاب وغيره من الصحابة وجماعة من التابعين ; وبه دان جماعة من الفقهاء وأصحاب
الاجتهاد ، وثبت عندهم ان الجماعة يقتلون بالرجس الواحد وان أمير المؤمنين لم
يسلمهم ليقتلوهم بعثمان ، وان الناس تولوا قتله واشتركوا في دمه ; وكان إماما
مرضيا عندهم ; قتل بغير حق ; فلم يسعهم ترك المطالبة بدمه ; والاستقادة من قاتله
وبذل الجهد في ذلك ; فاختلف الفريقان في ذلك لما ذكروه من الاجتهاد ; وعمل كل فريق
منهم على رأيه وكان
اسم الکتاب : الجمل المؤلف : الشيخ المفيد الجزء : 1 صفحة : 23