اسم الکتاب : أقرب الموارد في فصح العربية و الشوارد المؤلف : شرتونی، سعید الجزء : 1 صفحة : 27
الكلم
الفصيح. فاضطُررتُ و الحالة هذه ان اكابدَ معارضتهُ من اوَّلهِ الى آخرهِ
بالاُصول المنقَّحة. و الامَّهات المصحَّحة. ذاكراً ما فات. و مصلحاً للهفوات. و
معقِّباً كُلّ نَقْلٍ بسَنَدٍ. من امام متَّبع أو كتابٍ معتَمد.
و
لقد تبَيَّنت بهذه المقابلة انَّ العهدةَ في جُلّ ما انتشر من الاغلاط انما
هي على القاموس المحيط و السبب في ذلك ان الثقة بهِ قد تمكَّنت من صدور الذين
لم يقفوا على الكتب الكبيرة المصحَّحة فقلَّدوهُ في مُعظَم ما تساهل فيهِ من
اطلاق المقيَّد و تقييد المطلَق و فيما ضلَّ فيهِ سبيل الصواب. على ان سيئات
المجد و ان كثرت لا تذهب بالعشر من حسناتهِ فانَّهُ هو الذي احسن الى اللسان
ببقاء ضبوطها على صحَّتها فقد عوَّل في الضبط على النصّ أو المثال و سائِر
اللُغَويّين اكتفوا بضبط الاقلام. و هذا مما ينطق بالشكر لهُ على تمادي
الاَيَّام.
و
اذا تقرَّر ذلك دريتَ ان تبعة اكثر ما بهذا الكتاب من المغامز انما هي على غيري
لا عليَّ لاني أُعجِلت وقت التأْليف فاستنمتُ الى كتبٍ كنت أحسبها صحيحةً و
عند المقابلة وجدتها في كثير من المواضع على ضدّ ما كنت احسبُ و من ثمَّ نسبت كل
زلَّةٍ في جهة الخطاء الى الكتاب الذي نقلتُ منهُ و ذكرتُ في جهة الاصلاح اسم
الكتاب الذي استندت اليهِ. و كلّ خطاءٍ لا اعزوهُ الى كتاب فهو خطاءي. و كلّ
صواب لا يُعزَى الى كتاب فهوَ مما اتَّفق عليهِ أهل اللسان.
ثمَّ
اني اذا عثرت على غلطةٍ في كتابٍ من الكتب الموثوق بها كاللسان و الاساس و كان
كتابي بريئاً منها نبَّهت عليها تفادياً من ان يُحكم عليَّ بالخطاء و أنا المصيب
بل تحاميَ أن يُحسب الصوابُ خطاءً و الخطاء صواباً استناداً الى ما لأُولئك
الايمَّة الكُبراء من المزيَّة على مثلي من الضُّعَفاء.
هذا
و أعلم اوَّلاً ان كلّ ما أسندتهُ في جانب الصواب الى فريتغ أو محيط المحيط
فانما ذلك إِشارة الى وجوب الفحص عنهُ و الحذَر منهُ ما لم يُرَ لِثقةٍ.
و
ثانياً أن كلّ ما ترى قدامهُ سيناً في هذا الذيل فهو من تلك الضوالّ التي
وجدتها بل الدُرَر التي استخرجتها من لُجج المؤَلّفات العربية بعد اذ طال على
فَقدها الاَمَد. و تقضَّت على ضياعها المُدَد. و ما من أحد يعلم انها من جُمان
العربية و ما ذلك الاَّ لانَّها افتُلِتَت يراع اللغويّين فلم يذكروها في مظانّها
من كُتُبهم.
و
قد كان في اعتقاد الناس الى ما قبل اليوم بسنين غير كثيرة أن الاوائِل رحمهم اللّه
قد احاطوا بمفردات هذه اللغة الشريفة لم يَفُتهم منها حرف و لا سيما بعد ما سمعوا
باسم القاموس المحيط فكان ذلك عاذراً لهم فيما اعتقدوا و لقد اثبتُّ بالحجَّة
القاطعة بطلان ذلك الاعتقاد في خاتمة الجزء الثاني من هذا الكتاب.
و
اللّٰه يعلم أيّ العناء قاسيت في الغوص على تلك الجواهر الكريمة. و ما
عانيت من المشاقّ للفوز بهذه
اسم الکتاب : أقرب الموارد في فصح العربية و الشوارد المؤلف : شرتونی، سعید الجزء : 1 صفحة : 27