و أما أنه من
أي بلد، أو أي صنف، أو عشيرة فلا يدرى منه شيئا، و هذا بخلاف الشبهة غير المحصورة،
فإنه لا ينافي مع العلم بكونه من أهل بلد كذا، أو قرية كذا، و نحو ذلك، و إن كان
أطراف الاحتمال غير محصورة عرفا، لكثرة أهل البلد- مثلا-، كما هو المقرر في باب
العلم الإجمالي، و كيف كان فحكم القسم الأول، و الثاني من مجهول المالك واحد لا
فرق بينهما من هذه الجهة، و إنما الفرق في التعبير المبتني على نوع من المسامحة، و
الأمر سهل.
فلنرجع إلى
بيان حكم أقسام الحق الذي في الذمة (المظلمة) و كيفية أدائه إلى مالكه بأقسامه.
أما القسم
الأول- و هو الحق المعلوم جنسه، و مقداره- كما إذا علم أن في ذمته عشرة دنانير-
مثلا- فيؤدى إلى مالكه على النحو التالي من أقسام المالك.
1- المالك
المعروف بعينه، فيجب دفع حقه إليه، و هذا واضح؛ لأنه معلوم المالك.
2- المالك
المجهول مطلقا- بمعنى أنه لا يعرف عنه إلّا أنه إنسان يملك الحق في ذمته- كما
تقدم- أو يعلم به في عدد غير محصور.
و حكمه حينئذ
أن يتصدق به عنه، فإنه نوع أداء للحق، كما هو الحال في العين المجهولة المالك، إذ
لا فرق بينها و بين الحق المجهول المالك فإنهما على وزان واحد من هذه الجهة.
و يدل على
ذلك بعد دعوى عدم الخلاف، و عدم إمكان الاحتياط لكثرة الأطراف، أو عدم محدوديتها،
و لا مجال للتوزيع أيضا، مع هذه الكثرة؛ لأنه بحكم إتلاف المال، و لا القرعة، لعدم
انحصار من يقرع له، فيدور الأمر بين التصدق عنه، أو الإبقاء في الذمة إلى الأبد،
أو تعيينه بواسطة الحاكم في العين الخارجيّة، ثم جعله أمانة عنده كذلك.