للعدول من
التعيين إلى التخيير، أما في الحكم الوضعي فلعدم معقوليته، و أما في الحكم
التكليفي فلأنه خلاف الظاهر، بل يجب الخمس تعيينا أداء لحق أهله، إبقاء لظهور
الوضع على مقتضاه، و تحفظا على ظهور لفظ «الخمس» في معناه المصطلح، و حيث إن ظهوره
فيه أقوى من ظهور لفظ «الصدقة» في موثقة السكوني، فتحمل الصدقة فيها على المعنى
الأعم الشامل للخمس، أي كل ما يقصد به القربة من معاونة الغير بالمال أو غيره،
مضافا إلى عدم ثبوت هذا اللفظ في رواية الصدوق لها في الفقيه كما يأتي البحث عنه
في مصرف هذا الخمس و حمل الأمر بالصدقة في الموثقة على دفع توهم الحظر عن التصرف
في مال الغير مبني على إرادة الصدقة في مقابل الخمس، و هو ممنوع؛ لأن المراد بها-
على تقدير ثبوتها- التخميس جمعا بينها و بين صحيحة عمار و أما بالنسبة إلى أخبار
الصدقة بمجهول المالك حيث زعم أنها شاملة للمقام أيضا باعتبار أن الحرام المخلوط
بالحلال من مصاديق مجهول المالك فيتصدق به فالجواب أنها تخصص بصحيحة عمار بن مروان
في خصوص المخلوط بالحرام؛ لأنها أخص موردا لو قلنا بعموم تلك للمختلط نصا، أو
ملاكا، و لا محذور في التخصيص إذا ورد الدليل، هذا مضافا إلى دعوى بعض[1]
من اختصاص أخبار الصدقة بمجهول المالك بالمال المتميز، فلا تشمل المختلط رأسا.
قد تلخّص من
جميع ما ذكرناه أن الأوفق بالأدلة في القسم الأول هو ما اشتهر من وجوب تخميسه تعيينا،
لتعلق الخمس به على نحو ما يتعلق بسائر ما يجب فيه الخمس وضعا، و يستتبعه الحكم
التكليفي بالأداء تعيينا، و مناقشة الفقيه الهمداني قدّس سرّه في ذلك مردودة، و أن
ما التزم به من الوجوب التخييري بينه، و بين الصدقة بالخمس، أو الصدقة بالحرام
الواقعي لا يمكن المساعدة عليه صناعة.