و كيف كان
فيقع الكلام في المقام تارة من ناحية المقتضي أعني إطلاق الأدلة الدالة على خمس
المعدن و اخرى في الدليل الحاكم الرافع للقلم عن الصبى و المجنون.
أما المرحلة
الأولى فقد تقدم أنه لا محذور في التمسك بإطلاق الأدلة الوضعيّة بالنسبة إلى غير
المسلم و غير المكلفين ثبوتا و إثباتا، فإنه لا محذور في تشريع حق مالي للفقراء و
المستحقين في أموال الكافر أو الصبي و المجنون و إن لم يكن مكلفا بأدائها مباشرة،
فإن وليّه سواء الحاكم أو غيره هو الذي يتصدى لذلك تحفظا على أموال المستحقين، و
هذا في الحقوق الماليّة المحضة كالديون و الضمانات ظاهر لا سترة فيه، و أما الحقوق
الشرعيّة المالية فهي و إن كانت عبادية إلّا أنه لا دليل على اعتبارها حتى بالنسبة
إلى من لا يتمكن منها، كالصبى غير المميز أو المجنون أو الكافر- بناء على عدم صحة
عبادته- و القدر المتيقن من اعتبار نية القربة إنما هو بالنسبة إلى المكلفين.
و بعبارة
أخرى: أن الواجبات الماليّة العبادية لها جهتان (إحداهما) عباديتها و هي تختص
بالمكلفين على نحو الحكم التكليفى و (الأخرى) أنها حقوق مالية لمستحقيها في
أموالهم، كالخمس و الزكاة، و هذه تعم المكلف و غيره، لعدم قصور في عموم أدلة
الوضع، كما هو المستفاد من روايات خمس المعادن، كما تقدم في البحث عن تعلق الخمس
بالمعدن المستخرج بواسطة الكافر، و الحاصل: أن أدلة الحكم الوضعي في الواجبات
الماليّة تكون أعم من الحكم التكليفي بأدائها فتشمل المسلم و الكافر و المكلف و
غيره.
و أما
المرحلة الثانية ففي حكومة أدلة رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم، و عن المجنون حتى
يفيق[1] على أدلة الخمس.
[1] الوسائل 1: 45، الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 11.