و يندفع بأن
في الحقوق الشرعيّة حيثيتين حق اللّه و حق الناس، أما حق اللّه فهو جهة العبادية
في الأداء، أي لا بد من أدائها قربة إلى اللّه تعالى، و حيث إن نية القربة مشروطة
بالإيمان فلا يتمكن منها الكافر بسوء اختياره، إذ لو كان قد اختار الإسلام قبل
تعلق الخمس أو الزكاة بماله كان متمكنا من التعبد بأدائها، و أما حق الناس فلا
محذور في اعتباره في أمواله حال الكفر، و يستوفيها الحاكم الشرعي، و مجرد عدم صحة
الإتيان به من الكافر و عدم تمكنه من التقرب به حال الكفر لا يوجب سقوط حق الناس
من أمواله، و لا تعذر استيفائها منه، نظير المسلم الممتنع من أداء الحقوق الشرعيّة،
فإن المسلم الممتنع من الأداء يؤخذ منه الحق و إن لم يقصد به القربة عصيانا، و
الكافر و إن لم يجب عليه تكليفا- كما هو المفروض فلا يصدق عليه الممتنع بمعنى
العاصي بحق الناس، إلّا أنه لم يتمكن من قصد القربة بسوء اختياره، و لكن لا فرق
بينهما في جواز استيفاء حق الناس من أموالهما قهرا فإذا استوفاها الحاكم سقط عنهما
الأداء، و بتعبير أوضح يستنقذ الحاكم من أموال (الكافر و الممتنع)- حقوق الفقراء
حينئذ بانتفاء الموضوع لا بالامتثال، و بالجملة الحاكم الشرعي له الولاية على
الفقراء في استيفاء حقوقهم الثابتة في أموال الآخرين سواء المسلم الممتنع من
الأداء، أو الكافر الذي لا يصح منه الأداء، و لو أراده، كما صرح بذلك المصنف في
كتاب الزكاة[1] و في المقام أيضا، له
ولاية التعيين و الأخذ و الأداء.
ثم إنه هل
على الحاكم أن يقصد القربة حين الأداء إلى المستحقين، أو في تعيين حقهم بناء على
اعتباره في التعيين أيضا كالأداء كما حكي[2]
الإجماع