اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد الجزء : 1 صفحة : 290
«ديانة المصريين القدماء»
زعم بعض قدماء المؤرخين ان المصريين القدماء كانوا من عبدة الاوثان مستدلين على ذلك بما شاهدوه من التماثيل العظيمة التي اقيمت للعبادة. و لكن ظهر بعد استطلاع اسرار لغتهم و قراءة ما كتبوه على هياكلهم و في كتب موتاهم انهم ليسوا من الوثنية على شيء و ان هذه التماثيل انما اقاموها في بادىء الرأي تمثيلا لبعض صفات اله حقيقي غير منظور و لكن الزمان ارخى على تلك الحقيقة حجاب التقاليد و الخرافات فاصبح القوم لا يعرفون من معبوداتهم الا تلك الحجارة الصماء التي هي من صنع ايديهم. على ان الحقيقة لم تكن محجوبة عند حكمائهم و كهنتهم
اما آلهتم فعديدة و اسماؤها مختلفة و صورها متنوعة مرجعها جميعا الى الهين اصل هذه التنوعات و هما «فتاح» في منف و يقصدون به الخالق العظيم و «رع» في طيبة لانهم يعتبرون الشمس تمثالا للاله الحقيقي الذي هو الخالق. ثم انتشرت هذه الديانة و اتقنت صناعة البناء و الرسم فاقاموا في كل مدينة تمثالا لاحد هذين الالهين أو لكليهما و كانوا يسمونها باسماء مختلفة. فتعددت الاشياء ثم نسي المقصود الاصلي و بقيت الظواهر مواقعها من خط مسيرها فدعوها «هرمخيس» عند شروقها و اقاموا لها ابا الهول تمثالا. و «رع» عند ما تكون في خط الهاجرة. و «توم» عند الغروب و «اوزيريس» عند الظلام أي عندما تكون في العالم السفلي و جعلوا لكل من هذه محاكم سماوية و جعلوا من بينها قضاة و كتبة و جنودا
و في اثناء ذلك استنبطوا المثلثات الالهية فكانوا يضمون ثلاثة آلهة الى اله واحد منها مثلث مؤلف من الآلهة «اوزيريس» و «هوروس» و هو معروف بمثلث منف و المتأمل في صورها يرى ان الاول يشبه بالرجل و الثاني بامرأة و الثالث بصبي
و بين آلهة المصريين تفاوت في الدرجات فعندهم ثمانية آلهة من الدرجة الاولى في منف و هي فتاح وشو و تفنووست و توت و اوزيريس و اوزيس و هورس. و لهم عن هذه الآلهة و غيرها اخبار و خرافات مطولة لا حاجة الى ذكرها هنا و انما يذكر فيها اسماء اهم الالهة المصرية مع ذكر مميزات كل منهما بقدر الامكان بحيث يمكن لمن يشاهدها في الآثار المصرية ان يميز احدها من الآخر و تسهيلا لفهم تلك المميزات نقسمهما الى قسمين بحسب نوع رؤوسها