responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 26

السلاح و صوت الابطال يصم الآذان و يستطير الجنان و لمعان الرماحّ و السيوف بين الغبار كانه ضوء الكواكب في ظلام الليل. و استمرت الحرب ثلاثة ايام متوالية في هذا المكان. و كان الماء قد نفد من بين جيش الفرس و اشتد الظمأ حتى لم يبق للقواد قوة و لا للخيول الجياد في ميدان الحرب و الجهاد اقتدارا و يبست شفتا رستم و تشقق لسانه حتى صارت الرجال و الدواب يأكلون الطين لاطفاء ظمائهم. و مع هذا كان الابطال ينادون من الجانبين هلموا للقتال. ثم خرج رستم و سعد من قلب عسكريهما و انفرذا بعيدا عن جيشهما و تباوزا فصاح رستم صيحة كالرعد و ضرب بسيفه على رأس جواد سعد فسقط الجواد و سقط سعد على الارض. و عند ذلك نزل رستم عن جواده و تقدم نحوه ليضرب عنقه. فقام سعد مبادرا و هجم على رستم و ضرب بسيفه على رأسه فشجها و سال الدم على وجهه حتى غطى عينيه ثم لحقه بضربة ثانية فسقط على الارض و اتبعه بجملة ضربات على جسمه حتى قطعه اربا و لا علم للعساكر بذلك كله و لما فتشوا على قائدهم وجدوا جثته مغبرة في التراب فحينئذ انهزمت العساكر جميعها الى مقر السلطنة و كانت عساكر العرب تتبع المنهزمين الآخذين في السير ليلا و نهارا. و قتل في هذه الحرب كثير من مشاهير القواد و من الرجال و الحيوانات و مات كثيرون على ظهور خيولهم من شدة العطش‌

و في اثناء هذه الحرب كان يزدجرد «يزدكرد» و هو آخر ملك من ملوك ساسان في بغداد. فلحق به بعض من العساكر و عاد بعضهم الى دار السلطنة في ايران.

و انتهت الحرب باخذ العرب بلاد العجم و دخل سمد ايوان كسرى و صلى صلاة الفتح و كانت اول جمعة اقيمت بالعراق. و ذلك في صفر سنة 16 للهجرية و لما شاهد المسلمون ايوان كسرى كبروا و قالوا هذا ابيض كسرى هذا ما وعد به اللّه و رسوله. و قام سعد على نهر شيرالى الى ايام صفر ثم عبروا الدجلة و هرب الفرس من المدائن نحو حلوان و هي بلد من بلاد العراق و كان يزدجرد قدم اهله الى حلوان و خرج هو و من معه بما قدر عليه من المتاع و دخل المسلمون المدائن و قتلوا كل من وجدوه و احاطوا بالقصر الابيض و نزل به سعد و اتخذوا ايوان كسرى مصلى و استجمعوا من الاموال و الآنية و الثياب و الجواهر ما يخرج عن الاحصاء و ادرك بعض المسلمين بغلا وقع في الماء فوجد حلية كسرى من التاج و المنطقة و الدرع و غير ذلك كله مكلل بالجواهر و وجدوا اشياء يطول شرحها و كان لكسرى بساط طوله ستون ذراعا على هيئة روضة قد صورت فيه بالجواهر على قضبان الذهب فاستوهب سعد بما يخص اصحابه منه و بعث به‌

اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست