responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 116

اجتمع مقدموهم يتشاورون فيما يأتون و يذرون. فاتفق رأيهم على الامان و تسليم بيت المقدس الى صلاح الدين فارسلوا جماعة من كبرائهم و أعيانهم في طلب الامان. فلما ذكروا ذلك للسلطان امتنع من اجابتهم و قال «لا افعل بكم الا كما فعلتم باهله حين ملكتموه سنة 492 ه من القتل و السبي و جزاء السيئة بمثلها». فلما رجع الرسل خائبين محرومين ارسل باليان بن بيرزان و طلب الامان لنفسه ليحضر عند صلاح الدين في هذا الامر و تحريره.

فاجيب الى ذلك و حضر عنده و رغب في الامان و سأل فيه فلم يجبه الى ذلك و استعطفه فلم عطف عليه و استرحمه فلم يرحمه. فلما آيس من ذلك قال له ايها السلطان اعلم اننا في هذه المدينة في خلق كثير لا يعلمهم الا اللّه تعالى و انما يفترون عن القتال رجاء الامان ظنا منهم أنهم تجيبهم اليه كما أجبت غيرهم و هم يكرهون الموت و يرغبون في الحياة فاذا رأينا الموت لا بد منه فواللّه لنقتلن ابناءنا و نساءنا و نجرق أموالنا و أمتعتنا و لا نترككم تغتنمون منا دينارا واحدا و لا درهما و لا تسبون و تأسرون رجلا و لا امرأة و اذا فرغنا من ذلك اخربنا الصخرة و المسجد الاقصى و غيرهما من المواضع ثم نقتل من عندنا من أسارى المسلمين و هم خمسة آلاف أسير و لا نترك لنا دابة و لا حيوانا الا قتلناه ثم خرجنا اليكم كلنا قاتلناكم قتال من يريد ان يحمي دمه و نفسه و حينئذ لا يقتل الرجل حتى يقتل أمثاله و نموت اعزاء او نظفر كراما»

«شروط التسليم»

فاستشار صلاح الدين اصحابه فأجمعوا على اجابتهم الى الامان و ان لا يخرخوا و يحملوا على ركوب ما لا يدري عاقبة الامر فيه عن ان شي‌ء تنجلى و قالوا «نحسب أنهم أسارى بايدبنا فنبيعهم نفوسهم بما يستقر بيننا و بينهم» فاجاب صلاح الدين حينئذ الى بذل الامان للصليبيين فاستقر أن يؤخذ من الرجل عشرة دنانير يستوي فيه الغني و الفقير و تزن الطفل من الذكور و البنات دينارين و تزن المرأة خمسة دنانير فمن أدى ذلك في أربعين يوما فقد نجا و من انقضت الاربعون يوما عنه و لم يؤد ما عليه فقد صار مملوكا. فبذل باليان ابن بيرزان عن الفقراء ثلاثين الف دينار فاجيب الى ذلك و سلمت المدينة يوم الجمعة السابع و العشرين من رجب و كان يوما مشهودا و رفعت الاعلام الاسلامية على أسوارها و رتب صلاح الدين على ابواب البلد في كل باب أمينا من الامراء ليأخذوا من أهله ما استقر عليهم.

فلما ملك البلد و فارقه الصليبيون امر صلاح الدين باعادة الابنية الى حالها القديم‌

اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 116
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست