اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد الجزء : 1 صفحة : 105
و حمص و جبيل و طرابلس الشام تقدم نحو عكا سنة 497 ه و حاضرها برا و بحرا و كانت عكا في ذلك الحين تابعة لمصر و حاكمها يدعلى زاهر الدولة و يلقب بالجيوشي لانه من اتباع امير الجيوش. و طال امد الحصار حتى ملّ الصليبيون الانتظار فها جموا المدينة و دخلوها عنوة و فتكوا بمن فيها. و فرّ زاهر الدولة الى الشام و منها الى مصر
ففي سبع سنين كلها حروب دموية استولى الصليبيون على سوريا و فلسطين و جعلوا بيت المقدس قصبة ملكهم. أما مصر فكانت في جميع هذه الحوادث على الحياد الا المدافعة عند الحاجة. و كانت تعد ذاتها سعيدة لنجاتها من هجمات اولئك الصليبين و كل ذلك بتدبير الافضل امير الجيوش
و في سنة 506 ه امر الافضل ببناء خليج سماه بحر ابي المنجا لان الذي ناظر على حفره هو ابو المنجا ابو شعيا اليهودي. و انشأ الافضل ايضا مرصدا عظيما كلفه مشقات جسيمة. و جعل مركز ذلك المرصد على مرتفع في جوار المقطم كان يعرف قديما بالجرف ثم لما اقيم فيه المرصد صار يعرف بالرصد
و في سنة 518 ه نشأت طائفة الباطنيين و يدعوهم بعض المؤرخين بالحشاشين لانهم كانوا يكثرون من تدخين الحشيش و هم فئة جمع بينهم التعصب و الطمع. و كان رئيسهم يترصد فرصة للغزو و النهب فلما رأى الدول القوية مشغولة بالحرب في انحاء المشرق وضع يده على بعض القرى الجبلية بجوار دمشق ثم جعل يناهض الصليبيين فيحاربهم تارة و يصالحهم اخرى الى ان انتهى الامر فاقام حكومته بين ظهراتيهم و ابتنى حصونا منيعة ارهبت الولاة المسيحيين و خلفاء الاسلام فاجبرهم على دفع الجزية وقاية من فتكه بحياتهم فانه كان متفننا في القتل بطرق سرية على يد بعض رجاله الدهاة. و في سنة 524 ه سعى امير الباطنيين في قتل الآمر باحكام اللّه فانفذ اليه بعض دهاته فقتلوه في 2 ذي القعدة من السنة المذكورة و عمره 35 سنة و حكمه 30 سنة تقريبا
«خلافة الحافظ بن محمد»
و لم يكن للآمر اولاد ذكور فكان الحق بالخلافة لابن عمه عبد المجيد بن القاسم ابن محمد و لكن ارملة الخليفة كانت حاملا فنقب عبد المجيد بنائب الملك ريثما تلد و يرون ماذا يكون المولود فوضعت ابنة فبويع عبد المجيد و لقب بالحافظ لدين اللّه. فاستوزر احمد بن الافضل بن امير الجيوش فقام بالوزارة حق القيام فعظم في عيني الخليفة فكثر حسادة فقتلوه. فاستوز وزيرا آخر اختبر فيه الدراية و الحكمة و اسمه بهرام لكنه
اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد الجزء : 1 صفحة : 105