responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بلاد أخرى مجاورة لها المؤلف : كارستن نيبور    الجزء : 1  صفحة : 58

شي‌ء لأنني اجتزت هذه الطريق من قبل. و عند الطرف الجنوبي للدلتا شاهدنا قصر القاهرة. و يطلق العرب على هذه البقعة اسم بطن البقرة؛ و هم يؤمنون بالأسطورة القديمة التي تقول إنه في زمن الوثنيين، عثر في هذه البقعة، على تمثال ضخم، على شكل بقرة. و يمتاز النيل بسعته و كثرة جزره بدءا من القاهرة و وصولا إلى الدلتا. و يؤدي ارتفاع منسوب مياه النهر إلى جرف هذه الجزر من مكان إلى آخر؛ و لما كانت مياه النهر تعلو و تنخفض جدا في هذه البقعة، لا حظنا أن عدد الجزر قد زاد عن شهر تشرين الثاني/ نوفمبر؛ و ذلك لأن منسوب المياه ينخفض في شهر أيار/ مايو. و كنا نشاهد في القرى المحاذية لنهر النيل، خفرا مهمتهم إعلام الناس بوصول بواخر القراصنة. لكن سكان بعض القرى كانوا يرسلون مراكبهم ليلا، و كل من يطلب حمايتهم يتعرض للسلب. في ذلك اليوم، ألقيا المرساة قرب تعبل(Tabble) لأن الربان كان يخشى القرى الأخرى؛ فأنزلت المزولة لأحدد ارتفاع القطب؛ و لكني لاحظت أن الدقران مكسور.

فأعدت الأداة إلى مكانها دون أن أتمكن من تدوين أي ملاحظة.

غادرنا تعبل صباح الثاني من أيار/ مايو؛ لكن الرياح القوية أرغمتنا على الإرساء في «مصدر الشادر».

و لما كنت قد أصلحت آلتي، استطعت بصعوبة تحديد بعد الشمس عن خط المراقبة العمودي حتى أتمكن من تقدير بعد هذه البلدة عن خط العرض. و مع اقتراب المغيب، بلغنا «ميت العطار»؛ و رغم هدوء الرياح مع حلول المساء، عادت لتهب بعد نصف ساعة من الجهة الجنوبية- الغربية، حاملة معها عواصف قوية، و غبارا و رمالا. و لما كانت مراكب النيل مزودة بأشرعة كبيرة لا يحسن القادة التحكم بها، فغالبا ما تؤدي العواصف القوية إلى قلبها؛ و فضّلنا بالتالي أن نلقي بالمرساة في تلك الساعة.

عند الساعة الخامسة من صباح الثالث من أيار/ مايو، تابعنا طريقنا و بلغنا قرية «زفتة»، حيث رصدنا ظهرا ارتفاع الشمس. و يتبين لي أن القرية المذكورة تبعد عن خط العرض 30 دقيقة و 42 ثانية. و تبعد بلدة زفتة عن ساعد النيل، الممتد من القاهرة إلى رشيد 6 فراسخ و هي تقع بين القاهرة و دمياط، وفقا لحسابات ربابنة السفن. يحكم هذه البلدة وال من القسطنطينية، يقيم في القاهرة حيث عين قائم مقام له؛ و نجد فيها 3 جوامع وقبة مبنية على قبر نبي يقدسه الناس. و يزيد عدد منازل الأقباط فيها على 300 منزل؛ و قد وجهوا لي دعوة لزيارة كنيستهم المتداعية. تغطي أرض هذا المعبد حصر قذرة تتكاثر فيها البراغيث من شدة الحر و نجد فيه عددا كبيرا من العكازات التي يستند عليها الأقباط خلال إقامة شعائرهم؛ و يظن الأوروبيون أن هذا الأمر يسي‌ء لزينة الكنيسة خاصة و أن لوحات الأقباط قبيحة للغاية؛ فقد شاهدت في إحدى كنائس «مصر العتيقة» لوحة ليسوع المسيح و مريم العذراء و بعض القديسين، و هم يمتطون حصانا.

و لعل الأقباط يرون أن الحمير لا تتلاءم مع هذه الشخصيات المقدسة رغم أنه يحظر عليهم ركوب دواب أخرى في القاهرة. تتميز كنيسة زفتة بعتبة بابها التي كانت قديما تمثالا لأحد آلهة الإغريق. تقع مدينة ميت غمر على الضفة الشرقية للنيل قبالة مدينة زفتة. و نجد فيها 6 جوامع و كنيسة للأقباط. و بالرغم من‌

اسم الکتاب : رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بلاد أخرى مجاورة لها المؤلف : كارستن نيبور    الجزء : 1  صفحة : 58
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست