responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بلاد أخرى مجاورة لها المؤلف : كارستن نيبور    الجزء : 1  صفحة : 57

رحلة دمياط و العودة إلى القاهرة

بعد أن رسمت ساعد نهر النيل الممتد من القاهرة إلى البحر الأبيض المتوسط، شعرت برغبة في رؤية الساعد الآخر الذي يمر بمحاذاة دمياط و ذلك في سبيل رسم خارطة صحيحة لهذا الجزء من بلاد مصر الذي يسميه الأوروبيون اليوم الدلتا؛ هذا هو الجزء الناقص على الخارطة التي رسمها السيد نوردن لمجرى النيل، بدءا من الشلال الأول و وصولا إلى البحر. و كنت على استعداد للسفر إلى دمياط فور وصولي إلى القاهرة و لكنني اضطررت لإرجاء هذه المهمة إلى شهر أيار/ مايو من السنة القادمة لأن الطقس الممطر و الغائم كان يمنعني من الرصد الجوي. و لكنني لم أندم على تأجيل الرحلة، لأنني استفدت من هذه الفترة و حاولت أن أتقرب من الشرقيين نظرا لجهلي التام بعاداتهم و لغتهم.

يطلب الأوروبيون الذين يتنقلون في هذه البلاد الحماية من الحاكم ظنا منهم أنه لمن المستحيل التنقل بأمان إن لم يعط الحاكم قادة السفن و الأشخاص الذين يؤجرون الجمال للسفر برا، الأمر بالاعتناء بهم.

و غالبا ما يقوم أحد خدام الحاكم باستدعاء أول ربّان يصادفه أو ينتظر منه هدية؛ و حين يعلم هذا الأخير أن شخصا مرموقا يطلب منه الاعتناء بأحد المسافرين، يخال أنه سيجني ثروة طائلة؛ فيستغل الفرص لتقديم خدماته للشخص الموكل إليه، و يحاول أن يختلق المخاطر في كل مكان، حتى يثبت شجاعته.

و لطالما اعتقدت أن اللجوء إلى كبار التجار في هذه البلاد، هو الحل الأنسب في الظروف المماثلة؛ فهم يدركون أكثر من سواهم المخاطر التي قد نتعرض لها في الأماكن التي ننوي زيارتها؛ كما و أنه يعمل لحسابهم قادة سفن و جمالون ينقلون لهم البضائع، و يسعون لنيل حظوة لدى التجار أكثر منه لدى حاكم لا يجنون منه شيئا. و من الصعب رسم خارطة صحيحة لبلد غريب، خاصة إن كان المرشد لا يعرف أسماء القرى التي يمر بها، أو أنه لا يريد إعطاء أسمائها للرحالة. و لقد كنت أبحث عن ربان قطع عدة مرات الطريق المؤدية إلى دمياط، و يعرف القرى جيدا و لا يحبذ السفر ليلا، حتى تتاح لي فرصة مراقبة مواقع القرى و تعرجات النيل. فطلبت من أحد التجار أن يعلمني بموعد سفر الربان الذي يتمتع بالصفات المطلوبة، فأوصاني بربان ماهر للغاية، أما السيد بورانفيند الذي لم يغادر القاهرة إلا لماما خلال إقامتنا فيها فقرر مرافقتي في هذه الرحلة. فاستخدمنا انكشاريا للسهر على راحتنا و خادما آخر لتحضير الطعام لنا، و عدنا إلى بولاق في 30 نيسان/ أبريل 1762. كان المركب الصغير الذي نقلنا إلى دمياط يحمل اسم كنج، و تتوافر فيه كافة وسائل الراحة التي نعمنا بها في المركب الذي سافرنا به إلى رشيد.

و في صباح الأول من أيار/ مايو غادرنا بولاق و لم أستفق إلا بعد أن قطعنا عدة أميال و لكنني لم يفتني‌

اسم الکتاب : رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بلاد أخرى مجاورة لها المؤلف : كارستن نيبور    الجزء : 1  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست