الألواح، و قد رسمت بحسب الطبيعة، كانت أجمل ما رأيت من نوعها، و بيعة [1] القصر عمارة عتيقة، مبنية على ذوق جدّ خاصّ، و يرى فيها التاج و العرش و السلاح «اللأمة» بكمالها، لكل ملك قديم، و كل شي‌ء يمكن أن يعد من العجائب الحقيقية و الطرائف الغريبة.

و في غد ذلك اليوم وصلنا إلى قصر رئيس الوزراء «المستر أدينكتون» و هو مالك بساتين، رأيت فيها مجموعة كبيرة من النباتات الأجنبية.

أوكسفورد في سنة 1800 م‌

ثمّ بلغنا «أوكسفورد» بعد أيّام قليلة، و هي مدينة مشهورة جدا و فيها أجمل جامعة في إنكلترا، و المباني الشعبية فيها المبنية بالحجارة المهندمة، تشبه بأشكالها، عدّة معابد و مشاهد في الهند، و شوارعها واسعة و منتظمة، و قسم منها مشجّر من جانبيه، و هذه المدينة هي دار إقامة لأعلم رجال الوطن و ملتقّى التلامذة الّذين يجتمعون فيها من جميع أصقاع المملكة و فيها ثلاث و عشرون كلية، لكل منها خزانة كتب جميلة، و قد رأيت في خزانة إحداهن قرابة «عشرة آلاف كتاب خطّي» عربية و فارسية، و هذه الكليات الثلاث و العشرون، تؤلف ما يسمّى «الجامعة» و ذلك يعني «مجمع جميع العلوم»، و قد أنشئ لاستعمال الجامعة مرصد فخم فيه كثير من آلات علم الفلك و عدّة مجاهير [2] كبيرة، و في الجامعة أيضا بناية للتشريح‌ [3]، و كان من لطف أحد الأساتذة أن أراني جميع الأبهاء، و أطلعني على أسرار هذا العلم الجليل، و في بهو وطي‌ء مخصص بالتبضيع رأيت عدّة تلامذة يشتغلون بهذا العلم على جثة فأروني شموعا مصنوعة من شحم الإنسان، و غرائب أخرى. و إذ كان الأوروبيون أعلم جدا منّا في علم التشريح جئت أوضح عدّة من آرائهم الّتي تناقض آراءنا [4].

و حين أتممنا اختبارنا، بالتفصيل جميع ما تحوي أوكسفورد من غريب‌

[1] البيعة على وزن الشيعة هي كنيسة النصارى. (م).

[2] أي تلسكوبات، و المجاهير جمع مجهار و قد اصطلح عرب العصر على المجاهر.

[3] جاء في أقوال عبد اللّه بن وهب الراسبي رأس الخوارج «لحى اللّه أمرا لا يكون تشريح ما بين عظمه و لحمه و عصبه أيسر عنده من سخط اللّه». (المترجم).

[4] حذف المترجم الفرنسي كلام الرحالة و أشار إلى الحذف. (م).