responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 50

تثعب فيه المياه، بحيث لا يمكن أبدا، على التقريب، أن يرى فيها طين حتّى في الشتاء. و جميع الطرق و الدروب و الشوارع مكنوفة بصفين من الأشجار، الّتي تظل ظلا وارفا أي ذات الظل الوارف، و أمام كل دار مصاطب من الحجارة سمكها أي ارتفاعها قدمان يجلس عليها السكان، ليدّخنوا بسبلهم في أماسي الصيف، و هذه العادة الّتي أحسبها خاصة بالهولنديين عادة حسنة.

و عدّة دور من المدينة مؤثثة بظرافة و فيها مرايا و مناضد و مناور [1] و شمعدانات و أكثر هذه من الفضة، و جدران البيوت و الحجر و الغرف مزينة بورق ملون بمختلف الألوان و الشبابيك عليها ستور نفيسة من أقمشة الهند أو من القطيفة، و فذلكة القول إنّ بهاء هذه المدينة أنساني حاقّ الإنساء ذكرى بهاء كلكتا الّذي كنت أحسب حتّى هذا اليوم أنّه أعلى من بهاء جميع المدن الّتي بين بلاد الهند و أوروبا، ثمّ تغير حسباني بالنسبة إلى مدينة الكاب و أستطيع أن أقول متحققا أنّي منذ أوّل يوم من فصولي حتّى وصولي إلى إنكلترا كنت أرى تزايد البهاء و النفاسة في الأشياء فكل مدينة أبلغها أراها أجمل من الّتي غادرتها.

و كان الأمر بالضد حين رجعت إلى بلاد الهند، و على هذا ظهر لي بعد إقامة طويلة في لندن ثمّ زيارتي باريس أنّ هذه المدينة الأخيرة هي دون الأولى كمالا من غير شك، أجل فيها آثار أجمل من آثار لندن، و لكنّها أقل تنظيما و نظافة و استنارة باللّيل، و الميادين العامّة و الحدائق أقل عددا فظننت أنّي هويت من الجنّة إلى النّار [2]، و لم أشعر بجميع جمال عاصمة فرنسا إلّا عندما كنت في إيطاليا، فمدن إيطاليا، على حسب رتبتها في الذكر، ظهرت لي جميلة بالمقابلة بينها و بين القسطنطينية، و ظهرت لي هذه الأخيرة جنّة الأرض حينما تذكرت بغداد و المدن الأخرى من وطن أهل العقائد الصحيحة [3]، و في قرابة وسط الكاب ميدان جميل دوره ميلان و فيه يتدرب الجنود، و يكنفه من الجانبين‌


خطأ من حيث الاصطلاح، لأنّ القدامى من العرب سموه بالمثعب و المثاعب و لأنّ المجرى عام لكل ماء. (م).

[1] المناور هو جمع المنوار.

[2] قلنا: لا شك في أنّ حب الرحالة للإنكليز ساهم في تعظيمه جمال لندن. (المترجم).

[3] يعني المسلمين عامّة.

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 50
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست