اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 44
بالماء المالح [1]، و يحصر في موضع غير صحي مع الكلاب و الخنازير، و إذا صعد إلى سطح السفينة فإنّه يجلب على نفسه البلل أو يسقط في البحر، يضاف إلى ذلك الأخطار الّتي هو معرض لها على الدوام، و كراهة حصره في موضع واحد و الهدام [2] الّذي يحدثه اضطراب السفينة.
ب- أنا كنت أنام في حجرة صغيرة جدا، و محجوب عنها الضياء كل الحجب ثمّ أنّها مخالفة للصحة كليا، و خدم السفينة لا يعتنون بالنظافة، و ضيق المكان يحول دون وضع البهائم في موضع مفصول و لقد قاسيت نصبا كبيرا من شراسة جيراني من الركاب الّذين لا يطلبون إلّا تسهيل الفرص لأنفسهم.
ج- إنّ الأجانب «و أريد بهم غير الأوروبيين» لا يستطيعون أن يحلقوا أو يقصّوا أظفارهم، و عليهم أن يأكلوا بالسكين و الشوكة و ليس لهم مكان خفي للاغتسال فهم لا يستطيعون أن يتطهّروا، و قد تألمت من هذا الأمر الأخير العسير، ثمّ إنّ الملاحين لا يغسلون أيديهم، و لا وجوههم إلّا بالصباح، و كنت مضطرا في الغالب أن استمد من ماء البحر بنفسي عند احتياجي إليه، و ذلك بإناء من أواني الصفر و لكن العواصف أفقدتني عدّة منها و لم يبق لي أخيرا منها إلّا إبريق، فتعذّر عليّ الوضوء و أصبح من المستحيلات حقا القيام بفرض ديننا [3].
د- يعمّ جميع السفن الّتي ليست للإنكليز [4] اضطراب هائل، فالملاحون يتركون الماء يدخل في السفينة، و يتلفون كل شيء بلا ضرورة و كل عمل منهم لا يكون إلّا في هرج و مرج و كلام خشن بذيء. و لم يكن زادنا إلّا من السمك المملوح و البيض الفاسد الّذي يبعث رائحة كريهة لا
[1] قيل إنّ الفصيح أن يقال: «الماء الملح» غير أنّ ابن القرية فصيح العرب وصف البصرة للحجاج قال: «حرها فادح و ماؤها مالح و فيضها سانح».
[2] الهدام هو دوار البحر أي صداعه بغثاثة النّفس و القيء.