اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 39
الشهر المذكور آنفا. و منذ عدّة أيّام كنا نرى أسرابا من الطير منها كبار بحجم الوزّ، و منها صغار في قوّة الحمام، و هي تغتذي بالسمك فقط.
و تقضي اللّيل فوق الماء، و حينما تريد تكثير نسلها لتكثير نوعها تقترب من الساحل و هناك تلبث طول زمن الحضن و التفريخ و قد أمسك الملاحون طائر آخر من النوع الصغير، ارتطم بأحد الصواري.
احتفال إله البحر
و كان الملاحون يلعبون لعبة مداعبة فيها من المضحكات ما فيه الكفاية: و هي أن ثلاثة منهم يرتدون بهيأة غريبة، و يتلطخون بالحمرة و الصفرة و يأتون إلى سطح السفينة بملابسهم و شعورهم تقطر ماء، فالأوّل منهم يحمل كتابا و الثاني يحمل بوقا و الثالث لابس ملبسا بلغ الغاية في السخرية و مظهر أنه قائدهما فتحضر لهم مقاعد فيقعدون عليها، و يعلن البوق أن «نبتون» إله البحر آت ليشرّف بزيارته السفينة الّتي تقرب من مستقرّه، و إذ ذاك يأمر الإله المضحك جميع من لم يعبروا بعد خط الاستواء بالحضور، ليغفر خطاياهم بالغسل، فتتراكض جماعة كبيرة من الشبان و الشابات و الأطفال، الّذين هذا الاحتفال جديد عليهم، و يختفون في زوايا مختلفة من السفينة و منهم من يتسلقون الصواري و لكن كاتب الأقوات و الأطعمة فتح كتابه و قرأ أسماء جميع من يجب عليهم التعميد [1]، و أوعز إليهم بالحضور و المثول، و كلّما حضر أحد الركاب عصبوا عينيه و أقعد قسرا على لوح موضوع بالعرض على دن أي برميل، فيصبون على رأسه عدّة أسطال من ماء البحر، و في الوقت يجرون من الوراء اللوح القاعد هو عليه، بحيث يقع في البرميل. و لما بلغني الدور قصدت إلى بعض الضباط، و بتقديمي قنينات من العرق أعفيت من تعميدا الاحتفال.
السمك الطائر
و باليوم الخامس و العشرين من نيسان صادفنا كثيرا من السمك الطائر،
[1] هذا اصطلاح نصراني بمعنى الغسل المذكور قبلا، استعمله المترجم هنا.
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 39