اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 258
و تحصينات المدينة القديمة أقامها سليمان باشا الأخير ليحفظها من غارات الوهابيين. و بغداد بكونها على تخوم الصحراء و في سهل فسيح تمثل للرائي منظرا من أجل المناظر، و داخلها لا يناسبها ذلك الظاهر منها، لأنّه قذر كل القذارة و مستوحل كل الاستيحال، و خصوصا المدينة القديمة، الّتي تكون الإقامة فيها بالشتاء بغيضة كالإقامة بمقصود آباد أو جميع المدن الأخرى في البنغال، و مع أنّ سوقها الرئيس مبني بالآجر و سقفه قائم على طيقان فليس بأقل من سائر الأسواق إظلاما، و لا أقل قذارة و نتانة. و دور أعيان السكان مبنية بالآجر و المدر و ليست جدرانها قوية وثيقة كأسوار الهند، و الأثاث الّذي فيه و الزخرف الّذي زخرفت به من النوع الدون، و هو يظهر لكل البنيان مظهرا تافها، و أوجز القول بأن قصر الباشا و أجمل دور هذه المدينة لا تساوي صنوف الدور المتوسطة في لكنو، فضلا عن أن يوازن و يفاضل بينها و بين قصور النواب آصف الدولة أو قصور آخر وزرائه حسين رضا خان.
إنّ شهرة بغداد و البصرة و النجف و مدن أخرى في البلاد الفارسية عظيمة جدا، و لكنّها يمكن أن يقابل بينها بين صوت الطبل، فإنّه يستوقف و يستصغي السامع على بعد منه، و يظهر غاية في التفاهة على قرب منه، و أنا أستطيع أن أؤكد أنّي لم أشاهد منذ سفري من القسطنطينية حتّى وصولي إلى البصرة دارا تجتذب واحدا من اللكنويين إلى سكناها غير دار «أغا جعفر» في كربلا. و في بغداد مقاه كثيرة و مدّخنات [1]، و هذه المواضع العامّة أشد قذارة و ظلاما من الّتي في القسطنطينية، و أسواق بغداد جيدة التموين فالرمان و الليمون و آلوبخارى أي الإجاص المجفف فيها ألذّ ما أكلت منها في عمري.
و إذ كانت غايتي بسلوكي هذا الطريق أن أزور بقايا أجساد الشّهداء و الأولياء من مذهبنا المسلمين الشيعة، و زيارة عدّة قبور لأجدادي الصالحين الأتقياء من ذرّيّة النبي 6 [2] خصّصت القسم الأكبر من وقت إقامتي ببغداد
[1] المدخنات جمع المدخن على وزن المتحد موضع الإدخان بالتبغ و هو من المشتقات المقيسة.
(المترجم).
[2] هذا هو الموضع الثاني الّذي ادعى فيه أنّه متصل بالنبي 6 بفرع من فروع النسب. (المترجم).
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 258