responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 251

و في اليوم السابع عشر من رمضان بأبكر بكرة واصلنا سفرنا، و بعد مسافة قدرها ستة و ثلاثون ميلا بلغنا «حميدة» مقام الشيخ فارس، و هذا الموضع على خمسة و ثلاثين فرسخا من أبارة. و هو المنزلة الأولى من الصحراء، و هناك بيوت سكنى متوسطة غير مخيمات طيئ، و لوجوب أن يبدل من دليلنا في هذا الموضع بأخيه طلبت ضريبة جديدة من القافلة، فدفع كل إنسان ما عليه، بحسب ملكيته أو عدد خيله أو جماله، و قد استفدت من الإبطاء الّذي يوجبه هذا الحادث للدخول في القرية فتلقاني عربي أميز تلقّ و قدم إليّ خبزا و زبدا فاخرا و تمرا طريا، و لم تكن غمضت عيناي منذ ثلاث ليال، فاهتبلت هذه الفرصة، و نمت سويعات أعادت إليّ قواي، و لم نكن إذ ذاك إلّا على مسافة اثني عشر ميلا من الموصل، فخاطرت بنفسي بأن تركت القافلة، و بعد ساعتين من المسير كنت قد دخلت الموصل. و ليس في الخيل ممّا يماثل جلادة الخيل العربية و شجاعتها، و للفرس الّتي كنت راكبها أغنتني قبل كل شي‌ء عن النصب في هذه السفرة البائسة، و قد ألفيتها أوّل الأمر ذات مظهر حقير، و لزيادة الحرج كان صاحبها قد أصابه ضجر و سآمة فتركني ليرجع إلى نصيبين، و في اليوم الثاني لسوء حظي فقدت كيس الهرطمان، فكان غذاؤها في أثناء خمسة أيّام كاملة مقصورا على قليل من العشب استطاعت ارتمامه عند توقفاتنا المختلفة، و عليها جهاز الركوب، و مع ذلك فقد ظهر عليها عند وصولنا إلى الموصل نشاط موفور و استعداد غير منزور بحيث لا يشك أحد في أنّها أصابها الهزال و سوء الحال، و أنا لا أعرف في العالمين خيلا يمكن أن توازن خيل العرب في هذا الشأن.

أبو طالب في الموصل‌

و بعد وصولي إلى الموصل بوقت قليل ذهبت إلى نائب السلطان بها محمّد باشا [1] لأقوم بما يجب عليّ له فتلقاني تلقيا حسنا جدا، و دعاني أن أقضي عدّة أيّام معه. و هذا الأمير من سلالة قدامى السلاطين في مدينة القسطنطينية، و له سطوة عظيمة و يحترمه الشعب كثيرا و لم يكن يكلّم أحد


[1] قدمنا موجز سيرة محمّد باشا ابن أمين باشا الجليلي سالفا ص 236. (م).

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 251
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست