اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 250
أفراد من هذه القبيلة من قافلتنا و قدّموا إلينا كمية كبيرة من التين و العنب و الإجاص و الجوز، مقابل نقود أو جوخ أو أشياء أخرى، إنّهم كانوا يشبهون العرب في ملابسهم و لغتهم.
و باليوم الخامس عشر من شهر رمضان قطعنا مسافة مقدارها اثنان و أربعون ميلا، و إذ لم نجد في هذا الطريق ملجأ كائنا ما كان اضطررنا أن نقف في موضع يسمّى «تلال حواء» و لم يكن هذا الموضع بعيدا جدا من جبال سنجار فلم نخل من بعض القلق، و من حسن الحظ أنّ الشيخ شلالا و زهاء مائة فارس من مختاري قبيلته معتمين بعمائم و مسلحين تسليحا جيدا و مجهزين جهازا حسنا، و ممتطين حجورا [1] رائعة جاؤوا فالتحقوا بنا، و إذ كنّا عازمين على أن لا نتوقف إلّا سويعات، لم ننزل قط أو ساق جمالنا، وقعدنا على الأرض بغير وطاء ريثما تعتلف الخيل و الجمال.
و في اليوم السادس عشر منه بالساعة الأولى منه صباحا تابعنا المسير، و بعد قطعنا مسافة قدرها اثنان و خمسون ميلا وصلنا إلى هوقطة [2] مقام الشيخ شلال، و ما هو قطة إلّا قلعة منشأة على هضبة للحفاظ على الأولاد و النّساء من خطر فاجئ. و الأكراد يعيشون في خيام منسوجة كلها من الشعر، و قد وجدنا في هذا الموضع حلّة من قبيلة طيء عدّتها مائتا أسرة على التقريب، و سائر القبيلة بحسب ما استعملناه يتألف من ستة عشر ألف أسرة أو خمسة عشر ألفا متفرقين في الصحراء على مسافة يومين أو ثلاثة أيّام بالسير على الأقدام و يرأسهم أخ لدليلنا يسمّى الشيخ فارسا و هو يعترف مع قبيلته برئاسة أخيه الشيخ شلال.
و هذا الرجل الّذي كان يتظاهر بكل عظمة الملك، كان يتميز بعادة الضيافة الّتي تميز في الأغلب الشعب العربي، و كان يمدّ سماطا لخمسين رجلا و من غير انقطاع و قد تغدّيت مرارا معه، و إنّ أقل من ذلك السخاء، و ألوانا مختارة من الطعام كانت تكفي اشتهائي [3].