responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 246

يعرفون فوق ذلك التركية و الفارسية. و النّاس ما بين القسطنطينية و ملطية لا يفهمون إلّا التركيّة، و ما بين ملطية و الجنوب فالّذين يسكنون بين ديار بكر و ماردين يتكلّمون بالعربية في الغالب و قد وجدت أشخاصا يستطيعون أن يتحدثوا بالفارسية و أمّا بين ماردين و بغداد فيسمع المسافر اللغات الأربع‌ [1].

و ما كدت أصل إل ماردين حتّى قمت بالواجب عليّ لعبد اللّه أغا حاكمها و قد دعاني إلى المكث في داره، و هذا القائد تركيّ و من أكثر القواد ثقافة، و مع أنّ السلطان يعرفه حقّ المعرفة، و له صلة قوية بالوزراء لم تكن وظيفته إلّا قائم مقام لنائب السلطان الّذي ببغداد، و كان قبلا حاكم البصرة بصفة نائب لسليمان باشا، و هو متمتع بمودّة النّاس جميعا أغنيائهم و فقرائهم، و إذ كان يجيد الكلام بالفارسية و ذا مزاج فكه قضيت أوقاتا جدّ لطيفة معه، و قد ألحّ عليّ كثيرا في أن أمكث بداره طول شهر رمضان و لكني شكرت له تفضله و دعوته لأنّي كنت مستعجلا، كما قلت سالفا، في مواصلة سفري و الابتعاد عن ماردين، حيث المناخ قارس، فهذا الحاكم كحاكم ديار بكر أحمد أفندي تفضّل بإصحابي أحد أتباعه، و أمره أمرا جازما أن يقوم بجميع ما أحبّ، و الطريق إلى الموصل يشتق الصحراء، و يعدّ خطرا جدا، و لذلك أمر السلطان في الفرمان عبد اللّه أغا أن يعدّ لي حماية كافية في هذا الجزء من سفري، و لذلك أشار عليّ هذا السيّد أن انضمّ إلى قافلة كبيرة تسير في وجهة مسيري و استدعى رئيس القافلة و أوصاه بي وصية توجب عليه أن يعني بأمري عناية خاصّة.

أبو طالب في نصيبين‌

و في اليوم الثاني عشر من شهر رمضان تركنا ماردين، و بلغنا نصيبين بعد مسيرة قدرها ثمانية و أربعون ميلا، و في مسيرة ذلك النّهار ابتهجت بالتعرف إلى قاضي بغداد الجديد، و كان مسافرا إلى محلّ وظيفته في «تخت روان» أي محفّة و معه خمسون فارسا و عشرون جنديا مسلحين ببندقيات بارودية ذات الفتيلة، فكان ذلك يضفي عليه هيئة عظيمة، و قد رجا منّي أن‌


[1] أراد العربية و التركية و الفارسية و اللهجة البلدية. (المترجم).

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 246
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست