responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 227

الإقبال على الرذائل و الميل إلى الباطل، أو إشباع أهوائهم، و هم في كل الأمور المهمة ملزمون أن يستشيروا الأشراف‌ [1] في البلاط التركي، الّذين أدخلوهم في طاعتهم مذعنين، و ذلك صحيح، إمّا بمكافآتهم الحسنة الّتي أعدّوها و إمّا بالعقوبات الّتي يستطيعون أن يوقعوها عليهم بطريقة هي أنّهم، مع أنّ سلاطينهم قلما يسوغون لأنفسهم مخالفة القوانين أو نظم الدولة، لا يقل خوفهم الدائم فيما يسلخون من أيّام، ففي الغالب تكفي تهمة يسيرة لمحاكمتهم في مجلس الوزراء و الحكم عليهم بالإعدام، من غير أن يعلموا بأيّ جريمة هم متهمون، و من اتهمهم بها.

و سلطة الوزراء أيضا استبدادية قهرية بحيث قلما يجرؤ ولاة الولايات أو قادة الجيش على أن تمرّ بخواطرهم فكرة مقاومة أو عصيان إلّا أنّه في حالة الشغب و الهياج إذا شعر الوزراء بأنّهم ليس لهم قوّة كافية في إخمادهما بعيد ظهورهما عدلوا بحكمتهم إلى مصالحة العصاة، و انتظروا لإظهار شدتهم موت رئيس الثورة أو وقوعه في الفخ الّذي ينصبونه له.

فبهذه الوسائل و المبادئ أنجحت‌ [2] السلطنة العثمانية في أمورها في زهاء ستة قرون‌ [3] من غير أن تقاوم ثورات خطرة عليها، و إن ظهرت أمارات عصيانية متواترة في أنحاء و أصقاع من أنحاء السلطنة و أصقاعها.

و القضاة أي حكّام القضاة على جهلهم، في الغالب، و ميلهم إلى قبول ما يفسدهم ليسوا بجدّ متحكمين في أقضيتهم‌ [4] أبدا، سواء أكانت هذه الأقضية عادلة أم لا، إنّها ليست بأقل بتا من غيرها و غير مستأنفة، و الولاة و القواد ملزمون بالإذعان لها، و الّذي يعيّن القضاة و يعزلهم هو الصدر الأعظم و هو كاللورد صاحب الخاتم في إنكلترا و يكون دائما أحد كبار الوزراء. و حدّدت مدة بقائهم في قضاء موضع واحد بسنة، فإذا انصرمت السنة عادوا إلى القسطنطينية، فإن كانت سيرتهم مستقيمة فإنّهم يعاد نصبهم لموضع آخر، و إن‌


[1] يريد ذوي الشرف لا المصطلح بمعنى السادة. (المترجم).

[2] للإنسان «أنجح» و للأمور «نجح». (المترجم).

[3] كانت هذه الدولة إمارة في أوائل القرن الثامن و قويت بضعف الدولة الايلخانية، فأبو طالب قد بالغ في قوله. (المترجم).

[4] لعلّه يعرض بأقضية الإنكليز في بلاد الهند خصوصا. (المترجم).

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 227
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست