اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 21
رحلة أبي طالب خان
رحلة أبي طالب خان من نوادر الرحل في العالمين في موضوعها و أسلوبها و براعة كاتبها و شمول ملاحظاته، فالمألوف في عصره و قبله و بعده أن الأوروبيين كانوا يسيحون في بلاد الشرق و يكتبون في وصفه رحلا و في آثاره كتبا، و لا نزال نتسقط أخبار الشرق المتأخرة من رحل الأوروبيين فيه و خصوصا أخبار العراق، أمّا أن شرقيا يسيح في بلاد أوروبة و يصفها هذا الوصف المسهب فيه، المحتوي على كل غريب و طريف، فضلا عن التاريخ السياسي الّذي عاصره الرحالة، فهذا من أندر النوادر في عصره و لذلك أسرع الإنكليز و الفرنسيون و الهولنديون إلى ترجمة الرحلة إلى لغاتهم.
لوجدانهم فيها أوصافا و مباحث و أمورا خاصة ببلادهم لم يجدوها عند كتابهم و رحاليهم فإن أبا طالب كان نافذ الملاحظة منعم النظر مثقفا ثقافة شرقية عالية قلّما يفوته ذكر شيء ممّا وقع عليه بصره أو تناوله في أثناء السياحة فكره، و ستبقى رحلته مثالا لتأليف الرحلات و الاستقصاء و الشمول، و لقد أحسن تنظيمها و حبكها و الظاهر لنا أنه كتبها مذكرات متفرقة فلما عاد إلى بلاده رتبها و نظمها و أحسن تأليفها و أحال عند الحاجة إلى الربط بين أجزائها و أنبائها على ملاحظات متأخرة قبل أن يلاحظها [1]، كما أحال على ملاحظات متقدّمة لاحظها، ففي الأوليات دليل على أن التأليف وقع بعد الارتحال.
[1] كقوله و هو يصف كورك بإنكلترا: «و قد كنت رأيت في خليج جنوة في سياحتي و مضيق الدردنيل» قبل أن يراهما. (م).
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 21