responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 196

و لكن كل قطر فيه منفرّات، ففي ليون تجتذب حرارة الجوّ و المياه الثرة المحيطة بها ملايين من البعوض و حشرات أخرى تجبر السكان على أن يحوطوا سررهم بستور من نسيج شفاف يعرف باسم «الكاز» (أي الكريشة)، و قد قضيت ثلاثة أيّام في ليون.

سفره إلى مرسيليا

و إذا كنت متعبا بسفري السريع عزمت على ركوب الماء إلى مرسيليا، فركبت إحدى سفن «الرون» الكبيرة بأجرة مقدارها لويس واحد من الذهب، و هذه السفن تشبه بالتقريب سفن البنغال المسمّاة «بودكرو [1]» و لكنّهم يملؤون الغرف من الرزم و البضائع بحيث يضطر الركاب إلى اللجوء إلى سطح السفينة و لم تعوزني الرفقة في هذه السفرة، فقد كان معي في السفينة خمسة و عشرون إنسانا من النوعين النّساء و الرّجال، و لسوء الحظ كنّا في قيظ، فلم تر سحابة في الأفق، و كانت الحرارة شديدة و التجأ كثير من الركاب إلى ما وراء الرزم فلاذوا بها و منهم من ناموا على قنطرة السفينة و تغطّوا بأغطية، مفضلين حرارة الصوف على أشعة الشّمس، و آخرون شكلوا ضربا من الخيام باستعمالهم السجاجيد الصغيرة، أمّا أنا فقد كان عندي شمسية من الحرير، و إذ كنت متعودا تحمل أشعة شمس الهند حسبت أنّي أقاوم شمس فرنسا بلا غرر و لا ضرر، غير أنّ وجهي تقشر جلده كله منذ اليوم الأوّل، و كابدت كثيرا من الأذى بحيث تمنيت كثيرا لو كنت (أو لو أكون) مسافرا في عربات السرعة، و لسعادة لجدّ كانت جرية النهر سريعة جدا، و قطعت السفينة تارة سبعين ميلا، و تارة أخرى ثمانين في اليوم الواحد.

و في الغد مررنا تحت قنطرة بل جسر عظيم البناء كان أنشأه أحد القياصرة و هو مشهور في كل أوروبا باسم «بونت دوسنت ايسبريت» و مع أنّه قد شيد منذ أكثر من ألفي سنة، يظهر للناظر كأنّه حديث تام الحداثة، و ليس هذا الجسر كسائر الجسور المشيدة المحنية، و له تسعة و عشرون طاقا،


[1] ذكرها الرحالة في أوّل رحلته و قد عربناها هناك بصورة «بدكرو». (م).

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست