responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 195

الكلاءات الجميلة يشتقها من منتصفها، و قد غرست على ضفتيه أشجار، يسحر للتنزه تحتها النّفوس، و في خارج المدينة نهر آخر واسع و سريع الجرية يصب فيه نهر الصون و عليه جسور جميلة، و تزين هذه المدينة مآثر من الحجارة المهندمة، و أبوابها فخمة، و تحتوي على مساكن واسعة للحراس أو البوابين. و في المدينة الجديدة كثير من المنازل مبنية بطين الفخار، و الطريقة المتبعة في بنائها حقا تستحق الاعتبار، فهم يعدون أوّلا نوعا من القوالب من الخشب المنشور ألواحا على طول الجدار المراد بناؤه، و ارتفاع اللوح زهاء قدمين، فيوضع القالب على الأسس و يملأ من الطين الفخار المحسن العجن و يترك يومين أو ثلاثة أيّام حتّى يجف و بعد ذلك يجر القالب المطبق على الجدار قطعة قطعة، و يصب فيه الطين ثانية، فيلتصق في الحال بالطين الأوّل، و تكرر هذه الصبة حتّى يبلغ الجدار السمك المراد، فتزين أركانه بالآجر، و الجدران المنشأة بهذه الطريقة جدّ عمودية، و هم بعد ذلك يملطونها بملاط الجصّ و الرمل، فيكسبها مظهرا كمظهر جدران الآجر، و بصيانة أعلى الجدران من الأمطار يكتسب الطين صلابة شديدة، و هذه الجدران تفوق جدران الطين في بلاد الهند، و هي ألطف في النظر، مع سهولة إنشائها.

و ليون مشهورة بأصباغها و قد أردت ذات يوم أن أجرب ذلك في إحدى عمائمي: فجي‌ء إليّ بها في الغد مصبوغة باللون الأرجواني الفائق، و كان هذا اللون جدّ ثابت، بحيث لم يفقد شيئا من لمعته بعد تعريضه لسقرة الشّمس عدّة شهور و لم تتجاوز أجرة صبغها ستة و ثلاثين سولا [1]، مع أنّي كنت أدفع في لندن دائما أجرة صبغها أربعة شيلينات، بله أنّ الألوان اللندنية كانت تنصل في آخر عشرة أيّام أو اثني عشر يوما.

و النواحي المحيطة بليون تجنى منها فواكه كثيرة و نفيسة و لا سيّما ثمر القراصيا [2]، و أشجاره فيها تثمر بأكبر أنواعها و أشهاها بحسب ما رأيت،


[1] السول جزء من عشرين جزءا من الفرنك الفرنسي. (المترجم).

[2] و يعرف بالكرز أيضا تعريبا من الفرنسية سريز «و لعلّ القراصيا تعريب ثان للسريز من لغة لاتينية أخرى. (المترجم).

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 195
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست