responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 154

إلى القضاة و شدّة القوانين في عدم الخوف عدما بالغا أقصى حدوده‌ [1] فإن تكن لهؤلاء اللصوص الكرة يحدثوا أكبر النكبات في البلاد.

و عيب الإنكليز الثاني الكبرياء الوقاح، فهم لعتوهم بقوّتهم لا يخشون الشدائد، و لا يجتهدون في الاحتياط قبل حلولها، أمّا عوام لندن فقد هاجوا قبيل أيّامنا هذه من أجل الزيادة الفاحشة في الضرائب، و غلاء أسعار البضائع، و لكن الحكّام استطاعوا بتيقظهم أن يشتتوا هذه الجمهرات، من غير أن يتخذوا شيئا يزيل جرثومة الضرر، فمن النّاس من يقول: إنّ ذلك لم يكن إلّا فتنة أحدثها الصناع للحصول على أكثر من أجورهم، و منهم من يقول إنّ هذا الضرر لم يكن له علاج، و لم يقولوا غير ذلك، و منشأ ذلك الثقة العمياء الّتي وضعها الإنكليز في سعادتهم، تلكم الثقة الّتي تختلف كثيرا عن كبرياء الهنود و كبرياء الفرس.

و العيب الثالث من عيوب الإنكليز هو إفراطهم في حبّ الثروات.

و الوضاعة الّتي تصحب البخل في العادة كافية في جعلها بغيضة كريهة، ويلام الإنكليز على حبهم الراحة و لكن هذا العيب لا يماثل البلادة الّتي تصيب المدّخنين‌ [2] بالأفيون في بلاد الهند و في القسطنطينية، فإنّه وحده يجعل تقدّم الإنكليز و ترقيهم في العلوم، و تحليهم بمجاملة أصدقائهم من الأمور المتعذّرة عليهم، و أنا أرى الفرنسيين في هذا الأمر أكثر تجنبا منهم كثرة بالغة و قد ترى جماعة من الإنكليز (و هذا العيب الرابع) فتحسب أنّ لهم أعمالا متراكمة يجب عليهم القيام بها، مع أنّ أكثر الّذين أعرفهم في الجهة الغربية من لندن ليس لهم، على التقريب، من شغل. و بعد الغداء يشتغلون ساعة أو ساعتين، و لكن عامة اليوم يقضونها بالزيارات، و إذا سألت عن بعض هؤلاء السادة أجابك الخادم أنّ سيّده قد خرج من داره‌ [3]،


[1] قلت: إذن لماذا أتعبت نفسك بذكر شي‌ء قد مضى و انقضى؟ (المترجم).

[2] المدّخنين على وزن المدّخرين بتشديد الدال و من وزن الافتعال الّذي وضعته العرب لاتخاذ الفاعل الشي‌ء أو استعماله لنفسه كالإدخار و الاختباز و الائتدام و الاغتسال و الامتشاط و يجوز غيره شذوذا. و قد استعمل العلماء «التدخين» و هو عرض قسم من الأجسام للدخان و ذلك شي‌ء آخر للاستعمال أيضا. (المترجم).

[3] نعلم من هذا القول أنّ زيارة أبي طالب الرحالة كانت مستثقلة عند ناس من سكان لندن. (المترجم).

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 154
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست