اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 150
مكايد الوكلاء جدّ متوافرة بحيث أصبحت مصدر شقاء و تعس للذين يضطرهم سوء حظهم إلى مخاصمة غيرهم لحلّ مشكلة وقعت بينهما. و بعد أن بحثت بتصريح و تحرّر نظام عدالة فاسد على النحو الّذي وصفت ينبغي لي أن اجتهد في ذكر علاج لإصلاح هذا الفساد، فأقول: كان كل إنسان بعد تأسيس الدّين الإسلامي، بعدة سنين، يدافع من أجل دعواه، و كان القضاة و هم متحرّون في العلم يقضون بين النّاس مجانا و لا يأخذون على قضائهم أجرا. و لكون القضاة الإنكليز في الوقت الحاضر تجري عليهم رواتبهم المالية من بيت مال الأمّة و ليست لهم منفعة في إطالة زمن الدعوى، كائنة ما كانت، أرتئي أن يجري أولو الأمر على المدعين العامين و الوكلاء كما يجرى على القضاة من بيت المال أيضا، و يمنعوهم منعا مؤيدا بالعقاب الشديد، أن يقبلوا هدية أو يأخذوا أجرة من الطرفين المتخاصمين، و للقيام بنفقات هذه المؤسسة القضائية يمكن الدولة إمّا أن تضيف ضريبة إضافية في جميع وارداتها و إمّا أن تعين أخذ مبلغ بنسبة مئوية يستوفى من الملك المتنازع فيه. و أنا موقن أنّ عدد الدعاوى و تأخيراتها و مماطلاتها ستقلّ قلّة لا حدّ لها، و يعوض من زمان شهادة الشهود، و تطهّر القوانين من النقائص الّتي تعاب عليها اليوم، ثمّ ينظف مجلس القضاء من هذا الحشد من المدعين العامين الطامعين الّذين هم عار صناعتهم و خزيها.
الشؤون المالية الإنكليزية
لعلّ القارئ يأمل أن يجد في هذا المبحث تفصيلات واسعة في الشؤون المالية الإنكليزية، و لكني اجتزأت بعرض تلك الشؤون في معرض رأي واحد هو أنّ واردات هذه المملكة لا ترد من الضرائب و الخراج اللذين يستوفيان من الأرضين و مختلف التجارات، فالنّاس يدفعون مكسا عن كل شيء يباع
و في كل أسواق العراق تجارة* * * و في كل ما باع امرؤ مكس درهم.
[1]، و المجلس- أعني البرلمان- هو الّذي يقرر الضرائب و يقدّرها و يجتهد في تخفيفها عن الفقراء على حسب إمكانه. و الخبز و اللحم
[1] قال مصطفى جواد: ذكرني هذا القول قول جابر بن حني التغلبي الشاعر الجاهلي في وصف العراق أيّام الساسانيين:
و في كل أسواق العراق تجارة* * * و في كل ما باع امرؤ مكس درهم.
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 150