و نستعرض فيما يلي ثلاث حالات لتطبيق قاعدة حجية الظهور:
الأولى: ان يكون اللَّفظ في الدليل معنى وحيد في اللغة و لا يصلح للدلالة على معنى آخر في النظام اللغوي و العرفي العام.
و القاعدة العامة تحتم في هذه الحالة أَن يحمل اللفظ على معناه الوحيد و يقال: «إِن المتكلم أَراد ذلك المعنى»، لأن المتكلم يريد باللفظ دائماً المعنى المحدد له في النظام اللغوي العام، و يعتبر الدليل في مثل هذه الحالة صريحاً في معناه و نصاً.
الثانية: أَن يكون للَّفظ معان متعددة متكافئة في علاقتها باللفظ بموجب النظام اللغوي العام من قبيل المشترك، و في هذه الحالة لا يمكن تعيين المراد من اللَّفظ على أَساس تلك القاعدة، إِذ لا يوجد معنى أَقرب إلى اللفظ من ناحية لغوية لتطبق القاعدة عليه، و يكون الدليل في هذه الحالة مجملاً.
الثالثة: ان يكون للَّفظ معانً متعددة في اللغة و أَحدها أَقرب إلى اللفظ لغوياً من سائر معانيه، و مثاله كلمة «البحر» التي لها معنى حقيقي قريب و هو «البحر من الماء» و معنى مجازي بعيد و هو «البحر من العلم»، فإذا قال الآمر: «اذهب إلى البحر في كل يوم» و أَردنا أَن نعرف ما ذا أَراد المتكلم بكلمة البحر من هذين المعنيين؟ يجب علينا أَن ندرس السياق الّذي جاءت فيه كلمة البحر و نريد ب «السياق» كل ما يكشف اللفظ الّذي نريد فهمه من دوالّ أُخرى، سواء كانت لفظية كالكلمات التي تشكل مع اللفظ الّذي نريد فهمه كلاماً واحداً مترابطاً، أَو حاليّة كالظروف و الملابسات التي تحيط بالكلام و تكون ذات دلالة في الموضوع.