و الشك في البقاء هو الشرط الأساسي الآخر لجريان الاستصحاب.
و يقسم الأصوليون الشك في البقاء إلى قسمين تبعا لطبيعة الحالة السابقة التي نشك في بقائها، لأن الحالة السابقة قد تكون قابلة بطبيعتها للامتداد زمانيا، و انما نشك في بقائها نتيجة لاحتمال وجود عامل خارجي أدى إلى ارتفاعها.
و مثال ذلك: طهارة الماء، فان طهارة الماء تستمر بطبيعتها و تمتد إذا لم يتدخل عامل خارجي، و انما نشك في بقائها لدخول عامل خارجي في الموقف، و هو إصابة المتنجس للماء.
و كذلك نجاسة الثوب، فان الثوب إذا تنجس تبقى نجاسته و تمتد ما لم يوجد عامل خارجي و هو الغسل، و يسمى الشك في بقاء الحالة السابقة التي من هذا القبيل ب «الشك في الرافع». و قد تكون الحالة السابقة غير قادرة على الامتداد زمانيا، بل تنتهي بطبيعتها في وقت معين و نشك في بقائها نتيجة لاحتمال انتهائها بطبيعتها دون تدخل عامل خارجي في الموقف. و مثاله: نهار شهر رمضان الّذي يجب فيه الصوم إذا شك الصائم في بقاء النهار، فان النهار ينتهي بطبيعته و لا يمكن أن يمتد زمانيا، فالشك في بقائه لا ينتج عن احتمال وجود عامل خارجي و انما هو نتيجة لاحتمال انتهاء النهار بطبيعته و استفاده لطاقته و قدرته على البقاء.
و يسمى الشك في بقاء الحالة السابقة التي من هذا القبيل ب «الشك في المقتضي»، لأن الشك في مدى اقتضاء النهار و استعداده للبقاء. و يوجد في علم الأصول اتجاه ينكر جريان الاستصحاب إذا كان الشك في بقاء الحالة السابقة من نوع الشك في المقتضي و يخصه بحالات الشك في الرافع. و الصحيح عدم الاختصاص تمسكا بإطلاق دليل الاستصحاب.