ثبوته الأول على جعله شرعاً، و يتوقف ثبوته الثاني- أَي فعليته- على وجود موضوعه، أَي وجود مكلف غير مسافر و لا مريض و هل عليه هلال شهر رمضان، فالمكلف و عدم السفر و عدم المرض و هلال شهر رمضان هي العناصر التي تكون الموضوع الكامل للحكم بوجوب الصوم. و إذا عرفنا معنى موضوع الحكم، استطعنا أَن ندرك أَن العلاقة بين الحكم و الموضوع تشابه ببعض الاعتبارات العلاقة بين المسبب و سببه كالحرارة و النار، فكما أَن المسبب يتوقف على سببه كذلك الحكم يتوقف على موضوعه، لأنه يستمد فعليته من وجود الموضوع، و هذا معنى العبارة الأصولية القائلة:
«إِن فعلية الحكم تتوقف على فعلية موضوعه» أَي إِن وجود الحكم فعلا يتوقف على وجود موضوعه فعلا.
و بحكم هذه العلاقة بين الحكم و الموضوع يكون الحكم متأخرا رتبة عن الموضوع كما يتأخر كل مسبب عن سببه في الرتبة.
و توجد في علم الأصول قضايا تستنتج من هذه العلاقة و تصلح للاشتراك في عمليات الاستنباط.
فمن ذلك انه لا يمكن ان يكون موضوع الحكم امراً مسبباً عن الحكم نفسه و مثاله العلم بالحكم فانه مسبب عن الحكم، لأن العلم بالشيء فرع الشيء المعلوم و لهذا يمتنع ان يكون العلم بالحكم موضوعا لنفسه بأن يقول الشارع احكم بهذا الحكم على من يعلم بثبوته له لأن ذلك يؤدي إلى الدور.
العلاقات القائمة بين الحكم و متعلقه
عرفنا أَن وجوب الصوم- مثلا- موضوعه مؤلف من عدة عناصر تتوقف عليها فعلية الوجوب، فلا يكون الوجوب فعليا و ثابتا الا إذا وجد مكلف غير مسافر و لا مريض و هل عليه هلال شهر رمضان، و أَما متعلق