الاستدلال على الوضع بالتبادر و جعله علامة على أن المعنى المتبادر هو المعنى الموضوع له، لأن المعلول يكشف عن العلّة كشفا إنّيّا، و لهذا عدّ التبادر من علامات الحقيقة (1).
ما هو الاستعمال؟
بعد أن يوضع اللفظ لمعنى يصبح تصور اللفظ سببا لتصور المعنى، و يأتي عندئذ دور الاستفادة من هذه العلاقة اللغوية التي قامت بينهما. فإذا كنت تريد أن تعبّر عن ذلك لشخص آخر و تجعله يتصوره في ذهنه فبامكانك أن تنطق بذلك اللفظ الذي أصبح سببا لتصور المعنى، و حين يسمعه صاحبك ينتقل ذهنه إلى معناه بحكم علاقة السببية بينهما، و يسمّى استخدامك اللفظ بقصد إخطار معناه في ذهن السامع «استعمالا».
فاستعمال اللفظ في معناه يعني إيجاد الشخص لفظا لكي يعدّ ذهن غيره للانتقال إلى معناه، و يسمّى اللفظ «مستعملا» و المعنى
- و لذلك حصول التبادر يكشف عن تمام عملية الوضع. (طبعا) هذا الترتب- كما قلنا- ترتب علي (كقولنا حرّكت يدي فتحرّك المفتاح) لا ترتب زمني (كقولنا جاء زيد ثم عمرو).
(ملاحظة) قال في النسخة الأصلية «بسبب تلك العلاقة التي يحققها الوضع» و هذا لا ينسجم مع مراده و لذلك غيّرنا الأسلوب لينسجم مع مراده تماما.
(1) أي من علامات وضع اللفظ لمعناه بنحو الحقيقة، و بتعبير آخر: ... من علامات الوضع.