هذه الحالة تجد في نفسك عنصرين مزدوجين: أحدهما عنصر الوضوح و الآخر عنصر الخفاء، فعنصر الوضوح يتمثّل في علمك بأنّ أحد أخويك قد سافر فعلا، فأنت لا تشك في هذه الحقيقة، و عنصر الخفاء و الغموض يتمثّل في شكّك و تردّدك في تعيين هذا الأخ، و لهذا تسمّى هذه الحالة ب «العلم الاجمالي»، فهي علم لأنك لا تشك في سفر أحد أخويك، و هي إجمال و كش لأنك لا تدري أيّ أخويك قد سافر. و يسمّى كلّ من سفر الأخ الأكبر و سفر الأصغر طرفا للعلم الاجمالي، لأنك تعلم أن أحدهما لا على سبيل التعيين قد سافر بالفعل. و أفضل صيغة لغوية تمثّل هيكل العلم الاجمالي و محتواه النفسي بكلا عنصريه هي «إمّا و إمّا» إذ تقول في المثال المتقدّم: «سافر إما أخي الأكبر و إمّا أخي الأصغر»، فإن جانب الاثبات في هذه الصيغة [و هو سافر] يمثل عنصر الوضوح و العلم، و جانب التردّد الذي تصوّره كلمة «إمّا» يمثّل عنصر الخفاء و الشك، و كلّما أمكن استخدام صيغة من هذا القبيل دلّ ذلك على وجود علم إجمالي في نفوسنا.
و يطلق على الحالة الثالثة اسم «الشك الابتدائي» أو «البدوي» أو «الساذج» و هو شك محض غير ممتزج بأيّ لون من العلم، و يسمّى بالشك الابتدائي أو البدوي تمييزا له عن الشك في طرف العلم الاجمالي، لأن الشك في طرف العلم الاجمالي يوجد نتيجة للعلم نفسه، فأنت تشك في أن المسافر هل هو أخوك الأكبر أو الأصغر نتيجة لعلمك بأنّ أحدهما لا على التعيين قد سافر حتما، و أمّا الشك في الحالة الثالثة فيوجد بصورة ابتدائية دون علم مسبق.