و في ضوء هذا نستطيع أن نعرف لما ذا كنّا نهتم في البحث السابق بتحديد المدلول اللغوي الأقرب للكلمة و المعنى الظاهر لها بموجب النظام اللغوي العام (1)، مع أن المهم عند تفسير الدليل اللفظي هو اكتشاف ما ذا أراد المتكلم باللفظ من معنى؟ لا ما هو المعنى الأقرب إليه في اللغة؟ فإنا ندرك في ضوء أصالة الظهور أن الصلة وثيقة جدا بين اكتشاف مراد المتكلم و تحديد المدلول اللغوي الأقرب للكلمة، لأن أصالة الظهور تحكم بأن مراد المتكلم من اللفظ هو نفس المدلول اللغوي الأقرب، أي المعنى الظاهر من اللفظ لغة، فلكي نعرف مراد المتكلم يجب أن نعرف المعنى الأقرب إلى اللفظ لغة لنحكم بأنه هو المعنى المراد للمتكلم.
و الدليل على حجية الظهور يتكوّن من مقدّمتين:
الأولى: أن الصحابة و أصحاب الأئمة كانت سيرتهم قائمة على العمل بظواهر الكتاب و السنّة و اتخاذ الظهور أساسا لفهمها كما هو واضح تاريخيا من عملهم و ديدنهم.
و الثانية: ان هذه السيرة على مرأى و مسمع من المعصومين : و لم يعترضوا عليها بشيء، و هذا يدلّ على صحّتها شرعا و إلّا لردعوا عنها.
(1) يمكن لك أن تضع بدل «بموجب النظام اللغوي العام»: في لغة عصر صدور الكلام.